الذين يدأوا حرب اليمن لن يستطيعوا إيقافها !

27/11/2018

كتبت: ثريا عاصي

إذا كانت الحرب على اليمن قد شنت بتغطية من  الولايات المتحدة الأميركية التي تقود الثلاثي الغربي، فإن دعوتها الآن إلى وقفها يعني أنه كان  باستطاعتها عدم السماح بهذه الحرب أو طلب وقفها قبل اليوم . وبالتالي يحق لنا أن نسأل لماذا الآن ؟
صحيح أن هذه الحرب تستنزف السعوديين، أي أن السعوديين مضطرون إلى شراء كميات كبيرة من السلاح وإلى أن يجندوا أعداداً كبيرة أيضاً من المزتزقة، ولكن شراء السلاح لا يضر بمصالح أميركا، ولا أعتقد أن المرتزقة المشار إليهم يحاربون أميركا وإنما هم يحاربون معها ومن أجلها .

وفي السياق نفسه، من البديهي أن العامل الإنساني، أي المجازر والفقر والجوع والمرض والتشريد الذي أصاب اليمنيين نتيجة لهذه الحرب  الإجرامية لا يقلق السعوديين وحكومات الثلاثي الغربي، فالرأي العام الغربي مخدر تغذيه حكوماته إصطناعياً، أما عن الضمير في دنيا العرب فحدث !

قد يكون الأميركيون خائفين من إنهيار مملكلة السعوديين وإفلاسها إلى حد أنها صارت عاجزة عن إحتمال تكاليف الحرب على اليمن، وبالتالي تدعو أميركا إلى وقف الحرب لأسباب مادية فقط .

ولكن هل يضر إفلاس مملكة السعوديين وانهيارهم الولايات المتحدة الأميركية ؟ أغلب الظن أنه لا يضرها..
هذا يوصلنا إلى السؤال عن الغايات من الحرب وهل أنها حققت أهدافها ؟ علماً أن الإجابة أو مقاربة هذه المسألة  تعيدنا إلى استحضار ما نعرفه عن الأوضاع في اليمن قبل نشوب الحرب الأميركية السعودية .. واستناداً إليه يمكننا الإستنتاج ما إذا كانت كل من السعودية والولايات المتحدة الأميركية حسّنت مواقعها في اليمن أم أنها خسرت بعضاً من هذه المواقع .

وهنا يحسن القول أن اليمن قبل "ثورة الإخوان المسلمين" لم يكن مغلقاً بوجه الولايات المتحدة الأميركية . ولا شك في أن الثورة التي منحت ملهمتها السيدة توكل كرمان جائزة نوبل للسلام، لم تضع على رأس مهماتها القطيعة مع الأمبريالية الأميركية ومع الرجعية السعودية.

من المعروف بهذا الصدد أن التركيبة القبلية في اليمن لا تسمح باستئثار  أطراف في السلطة واستثناء أطراف غيرها . فكان منتظراً أن يقاوم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وأن يبحث عن حلفاء في اليمن وفي خارج اليمن، ليس على أساس عقائدي طبعاً وإنما بدافع المصلحة الفئوية والقبلية . فالمجتمع اليمني ليس وطنياً وهو منقسم مثل المجتمع اللبناني الفرق أن اليمنيين   لا يكذبون ولا يتزينون إخفاء لطبيعتهم.

نفهم من هذه الزاوية أن التحالف الذي كان قائماً بين الرئيس اليمني السابق علي صالح  من جهة وبين الحوثيين من جهة ثانية كان مبنياً على تعاون ضد عدو مشترك وليس من أجل بلوغ أهداف  وطنية يتوافق الطرفان عليها، ولكن يبدو أن السعوديين ومخابرات الثلاثي الغربي استطاعوا حرف علي صالح وتشجيعه على الإنقلاب ضد حلفائه . لم تنجح المحاولة ولكنها أضعفت لا شك في ذلك الحوثيين.

وعلى الأرجح أنها أضطرتهم إلى التراجع والتخلي  عن بعض المناطق أمام تقدم مرتزقة السعوديين والإماراتين وتكثيف القصف الجوي والبحري بمعاونة الثلاثي الغربي .

بالعودة إلى السؤال الأصلي، لا أعتقد أن السعوديين أو الإماراتيين أو حتى الأميركيين كان في نيتهم احتلال اليمن أو ترميم الدولة في اليمن  وتنصيب أحد عملائهم عليها، الرأي عندي هو أن أقصى ما كان يصبو إليه التحالف في اليمن هو سرقة ثروات اليمن النفطية، والسيطرة على سواحله، على بحر العرب وعلى  البحر الأحمر، بالإضافة إلى توفير الفرصة أمام الإماراتيين "لتعفيش" التراث الثقافي اليمني، لأن الإماراتيين   يفتقدون لتراث !

أغلب الظن أن هذه الأهداف تحققت في ظاهر الأمر  . ولكن هذا لا يعني أن مقاومة اليمنيين   سوف تتوقف .. بناء عليه من المحتمل أن تكون  الغاية من الدعوة إلى وقف إطلاق النار هي إرضاء اليمنيين لعلهم يقبلون الصلح مع الثلاثي الغربي  ومع السعوديين ومع  الإماراتيين . حتى لو تتطلب الأمر  تحميل المسؤولية عن الحرب لمحمد بن سلمان، الذي أضعفته حرب اليمن وحرب سورية بالإضافة إلى تطبيعه مع المستعمرين الإسرائيليين، وجريمة #إغتيال_الخاشقجي بالأسلوب الداعشي الذي تم بواسطته،  فصار خلعه أمراً سهلاً!!