استشهد فارس وتاه القميص

07/02/2019

رام الله- وطن للأنباء- رولا حسنين

تشابهت قصة فارس بارود بقصة سيدنا يوسف، الذي غيبه السجن عن والده يعقوب، فأوصله الحزن الى فقدانه لبصره، لكن النهاية اختلفت، قميص يوسف ردّ لأبيه بصره وعاد يوسف، بينما استشهد فارس وتاه القميص ورحلت أمه.

فارس بارود، أسير من قطاع غزة، أمضى في سجون الاحتلال 28 عاماً، كان ينتظر حلم الحرية، ولكن فقداً ألمّ بقلبه وجعاً قبل عام، عندما توفيت والدته التي انتظرته عقوداً طويلة ولم يكن ليردّ الاحتلال لها نجلها، حتى فقدت بصرها لشدة حزنها ولوعتها عليه.

لا يتوقف الحال على هذا، إنما فارس أيضاً ارتحل عن الحياة، مودعاً الظلم الذي لاقاه على يد الاحتلال فيها، شاكياً ظلم السجن والسجان، ومرارة الفقد والحرمان، وحكم بالمؤبد لأجل وطنه، ارتحل باحثاً عن حبيبته التي فقدت حبيبتيها حزناً عليه، ارتحل لاحقاً بأمه، بعد أن رحلت مكلومة شوقاً على وحيدها فارس.

استشهد فارس، الأربعاء 7/2/2019، داخل سجون الاحتلال، بعد سنوات من الاهمال الطبي التي يتعمد الاحتلال ممارستها ضد الأسرى الفلسطينيين، حيث كان يعاني من عدّة مشاكل صحية منها مشاكل في المعدة والربو، حتى ألمت به وعكة صحية استدعت نقله الى المشفى، حيث فارق الحياة على إثرها.

ضاق بنا الحال، وضاقت علينا اللغة ومعانيها، لا أعلم ماذا أقول سوى أن الحياة التي عاشها فارس لم تكن بمعنى حياة، إنما كانت موت على شاكلة حياة، قضى زهرة شبابه خلق جدران لئيمة لم تسمع لشكواه، ولم ترحم قلب أمه التي انحرمت من رؤيته طيلة 15 عاماً قبل رحيلها ورحيله.

ما يجعل القلم عاجز عن الكتابة، أننا اعتدنا توجيه رسائلنا لأسرى فقدوا أحبابهم وهم داخل الأسر، ولكن قصة فارس مختلفة، إذ فقد حبيبته أمه، واليوم نفقده، لنطرق بهذه القصة مسامع الأحرار في العالم، بأن الأسرى في سجون الاحتلال يعايشون الموت كل لحظة، فهلا ناصرتوهم؟!.

علماً بأن الأسير بارود هو أحد الأسرى القدامى والذين نكثت سلطات الاحتلال باتفاق الإفراج عنهم في إطار عملية المفاوضات، إذ أنه معتقل منذ العام 1991 ومحكوم بالسّجن المؤبد و35 عاماً، وقد تعرّض للعزل الانفرادي لسنوات طويلة كان آخرها عزلاً لمدة أربع سنوات متواصلة بين العامين 2012  و2016.

ووفقاً لنادي الأسير، فإن استشهاد بارود يرفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 218 شهيداً منذ العام 1967، منهم أكثر من 60 أسيراً استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي.