مجلس حقوق الانسان يطالب بتوفير الحماية الدولية للاجئين

15/05/2019

وطن للأنباء: يشكل اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون اليوم أكبر حالة لجوء وأطولها عمراً،[1] إذ يبلغ عددهم ما لا يقل عن 8.61 مليون،[2] وهو ما يقارب 66% من أبناء الشعب الفلسطيني. وحتى اليوم، ولم يتخذ المجتمع الدولي أو الهيئات المكلفة دولياً أية إجراءات جدية لمعالجة هذه النكبة المستمرة وفق الحلول الدائمة العادلة على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي،[3] وفي قرار الجمعية العام 194 للعام 1948 وقرار مجلس الأمن 337 للعام 1967 بشأن فلسطين.

منذ العام 1948، لا تزال اسرائيل تتنكر لحقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين الأساسية وتحرمهم من ممارستها، كما ولا يزالون يتعرضون لمعاناة إنسانية جسيمة جراء نقص الحماية الدولية التي يفترض أن يحظوا بها وفقاً لقواعد القانون الدولي. وعلى العكس من ذلك، يواجه اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون اليوم جملة من التحديات والعقبات غير المسبوقة التي تستهدف حقوقهم، والتي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضدهم بشكل واضح بهدف إنهاء قضيتهم.

واستمراراً لسياساتها المنحازة لإسرائيل والهادفة إلى اعفائها من التزاماتها ومسؤولياتها القانونية، وبهدف القضاء على حق اللاجئين الفلسطينيين في جبر الأضرار التي لحقت بهم، أطلقت الادارة الامريكية حملة تستهدف كل من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين المعترف به لهم بموجب القانون الدولي. فبعد عقود من تقديم الدعم المالي الكبير للأونروا، أوقفت الولايات المتحدة تمويلها للأونروا بشكل مفاجئ.[4] كما وأنها تعمل على نقل المسؤوليات الدولية إلى الدول المضيفة، الأمر الذي يعني التهرب من مسؤولياتها، وتعطيل عمل وكالة الأونروا. كما وتسعى إدارة الرئيس ترامب إلى إسقاط صفة اللجوء عن اللاجئين الفلسطينيين، وذلك في تناقض واضح مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وأفضل الممارسات في تجارب الدول.[5] وتأتي تصرفات الإدارة الأمريكية هذه ضمن حملة أوسع، تهدف إلى فرض حل أحادي الجانب على الشعب الفلسطيني ولاجئيه، الأمر الذي يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومبادئ العدالة الدولية.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه نكبة الشعب الفلسطيني بفعل الممارسات والسياسات الاسرائيلية، التي تتمثل في التهجير والنقل القسري للسكان في فلسطين بحدودها الانتدابية،[6] يتفاقم التهجير القسري الثانوي الذي يطال اللاجئين الفلسطينيين في دول اللجوء مثل سوريا. ويترافق ذلك مع نقص الحماية الدولية التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون، وتحديداً فيما يخص المعاملة التمييزية وغير المتساوية مع اللاجئين الآخرين في العديد من دول اللجوء الثالثة. وفي هذا السياق، يجدر الإشارة إلى أن الالتزامات الدولية توجب على الدول منفردة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في معاملتهم على قدم المساواة مع غيرهم من اللاجئين.

وبالرغم من ذلك، يواصل اللاجئون والمهجّرون الفلسطينيون المطالبة بحقهم في العودة، حيث تتواصل مسيرات "العودة الكبرى" في قطاع غزة منذ 30 آذار/ مارس 2018. في المقابل، تواجه إسرائيل مطالب الفلسطينيين بممارسة حقهم في العودة بالقمع واستخدام القوة المفرطة، إذ وصل عدد شهداء مسيرات العودة حتى 10 أيار/ مايو 2019، 206 فلسطينياً/ةً، بينهم 44 طفلاً/ةً، بينما أصيب قرابة 17٫000 فلسطيني/ة بجروح متفاوتة، من بينهم أكثر من 8394 أصيبوا بالرصاص الحي.[7]

في أيار/ مايو 2018، أنشأت الأمم المتحدة لجنة مستقلة لتقصّي الحقائق للتحقيق في ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلية في الأرض المحتلة وخصوصاً في قطاع غزة. وقد صرح رئيس اللجنة الأرجنتيني، سانتياغو كانتون، قائلاً:

"إن لدى اللجنة أسباباً مقنعة للاعتقاد بأن الجنود الإسرائيليين، قد ارتكبوا انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني خلال مسيرات العودة الكبرى. كما وقد ترقى بعض هذه الانتهاكات الى مستوى جرائم حرب و/أو جرائم ضد الإنسانية، ويجب التحقيق فيها على الفور..."[8]

وقد أوصت اللجنة في تقريرها بأن تقوم الأمم المتحدة والدول الأعضاء، بتفعيل آليات العدالة الدولية، مثل فرض العقوبات، وإجراءات المحاكمة عبر المحكمة الجنائية الدولية وتفعيل الاختصاص الجنائي بموجب آلية الولاية العالمية للقضاء الوطني في الجرائم الدولية، وذلك للتحقيق في الجرائم المرتكبة ومساءلة مرتكبيها.

إن استمرار التجاهل الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصاً الحق في جبر الأضرار التي لحقت به، لا يسمح فقط باستمرار النكبة، وإنما بازدياد حدّتها. كما أن عدم قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فعالة ومؤثرة لا تؤثر فقط على من تم تهجيرهم، بل وتشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من التهجير، وخصوصاً في ظل الحصانة التي تتمتع بها اسرائيل والتي تؤدي إلى استمرار إفلاتها من العقاب على الجرائم الدولية التي ترتكبها. ولهذا، على جميع الدول الأطراف الإقرار بأن أي حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، يجب أن يكون باعتماد وتنفيذ نهج قائم على الحقوق، إذ أن استمرار التجاهل الدولي للحقوق الفلسطينية، سيؤدي إلى استمرار الوضع الراهن، الذي تغيب فيه الحماية الدولية، ويتعرض فيه الفلسطينيون الى المزيد من التهجير وانتهاكات لحقوقهم.

وعليه، فإن مجلس منظمات حقوق الانسان الفلسطينية، يدعو إلى:

·        أن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء آلية تمويل إلزامية، عوضاً مساهمات الدول الطوعية، بهدف تأمين تمويل ثابت ومستدام للأونروا، بالإضافة إلى توسيع ولايتها من أجل تلبية معايير الحماية القانونية التي يحق للاجئين الحصول عليها.

·        على الدول وهيئات الأمم المتحدة، وخصوصاً وكالة الأونروا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، الوفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها فيما يتعلق بتوفير الدعم والمساعدات الإنسانية من جهة، وتوفير الحماية الفيزيائية والقانونية للاجئين الفلسطينيين، وإنهاء استبعادهم من الحماية الدولية و/أو الوطنية (في دول اللجوء) من جهة أخرى.

·        أن تقوم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بناء على توصيات مجلس حقوق الإنسان، بتبني وتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير المقدم من لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بشأن المظاهرات في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك التفعيل الفوري لتدابير المساءلة والمحاسبة الدولية، وإجبار إسرائيل على الامتثال لالتزاماتها في القانون الدولي، ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية.