الورقة اللعينة

08/11/2019

كتبت: أروى أبو مفرح  


كان من المفترض أن يكون اليوم الأول ليوسف في روضته، حلمت أمه بدخوله لرياض الأطفال و تعلمه الكلمات والأصوات والأرقام على الرغم من معرفته لبعضها، كل منزلنا حلم بدخوله رياض الأطفال وبعد سنته الأولى توالت الاقتراحات حول أي مدرسة سيرتاد وإن كان سيستقل حافلة المدرسة أو أنه سيذهب مع واحدا من أفراد عائلتنا.

خططت قبل حوالي سنتين أو يزيد أن أخذه لمدرسته أثناء ذهابي للجامعة وأحضره أثناء عودتي -إن استطعت-، وأمي أخبرته أنه سيدخل أفضل المدراس و يتعلم أفضل التعليم ليصبح طبيبا كبيرا أو مهندسا كمهنة خاله الذي أحبه.

والدتي أخبرته أنها ستوقظه باكرا و تجهزه و تصنع له خبزا ساخنا من صنع يديها كما يحب وتحشيه بمربى المشمش المعد منزليا كما رغب تماما، ثم تخرج معه الى شجرة التين بجانب منزلنا فتقطف له ثلاث ثمرات طازجة يحملها في علبة تخزين الغذاء خاصته وتوصيه بغسلها جيدا قبل أكلها ومشاركتها مع زملاءه.

لاحظت بريق عينا والدتي و فيضان الحب منها حين أخبرته أنها تريده أن يجد زميلات و صديقات له، و أن يكون مهذبا مع الفتيات والفتية وأن يستمع لكلمات المعلمة و يضعها بموضع الأم.

كان ذلك قبل حوالي سنة ونيف من الآن.. أما الآن! كل الخطط ذهبت في مهب الرياح و ماتت، بعد ورقة تحليل طبي بائسة أصدر محتواها حكما صامتا، لم يقتصر على شخص واحد بل حكم على كل أفراد العائلة، الورقة الأكثر بشاعة في حياتنا كان محتواها إصابة الشبل الصغير ذو الخمس ربيعات بمرض"السرطان"، ثم ماذا اذا؟! انقلبت الحياة رأسا على عقب، ومات في أعيننا كل جميل، رغم كل هذا حافظنا على ثباتنا، رغم الهشاشة التي نهشت قلوبنا و الحطام الذي ألم بنا بعد الخبر الفاجع!!

يوسف لن يدخل الروضة هذا العام كما كان مخططا له و لن يستقل باص مدرسته و لن أرسل له قبلاتي في كل صباح و هو يلوح لي من خلف نوافذ الحافلة.. وسيكتفي فقط بأصدقاء العلاج و بغرفة المشفى، ولن يلعب في باحات روضته كما حلم انما سيقضي وقته في غرفة الألعاب في قسم "الأورام اللعينة"!!