بالصور... الرسم بدخان الغارات.. خيال فني فلسطيني شكله وعي الحرب

17/07/2014

وطن للأنباء - خاص - رحمة حجة: الفن والسياسة، مفهومان مرتبطان متجاذبان يتبادلان دورهما بالتأثر والتأثير، لخلق توجه أو معنى مغاير بقصد الوصول إلى أهداف متعلقة بالنصر والهزيمة. وقد يمثل الفن بالنسبة للطرف الأضعف عسكريًا حالة انتصار.

فالفن التشكيلي والمسرح والسينما والدراما، بقدر ما يستطيع توجيه الجمهور المحتل (اسم مفعول) إلى حالة من الاستكانة والتسليم بالأمر الواقع،  يستطيع أيضًا لعب دور نضالي محفز وملهم لحالة تحررية واعية غير مشوبة بفوضى الانفعالات الطارئة، التي تنتهي في زمن نشوئها.

وفي الفن التشكيلي، تقول أكاديمية دمشقية، إنه "ليس مجرد هروب من الواقع، كما ليس لوحة مشبعة بقواعد علم الجمال, وألوان تلمس أرواحنا ومشاعرنا, وأفكار تذهب بعيدا بنا إلى عوالم حالمة ماورائية بغية إراحة الإنسان من مشاكل وتناقضات الحياة اليومية"، إنما هو "الخوض في قلب المشاكل وإعادة تقديمها من جديد بهدف الوصول إلى حلول واقعية لمشاكل الإنسان لا الهرب به إلى عوالم لونية وفكرية حالمة, غير منعزل عن الجدالات السياسية الكبرى".

وقريبًا أكثر من الحالة الفلسطينية، وفي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، استخدم موهوبون/ات أسلوبًا يشبه إلى حد كبير فن التصوير بالدخان "Smoke Art Photography"، ليخلقوا/ن حالة فريدة في التعبير عن الواقع الفلسطيني والتلاحم مع اللحظة التاريخية، التي أبرزها الإعلام المحلي والدولي، عبر صور الدخان المنبعث من الغارات الإسرائيلية على بيوت أهالي القطاع، التي دمرّت كليًا، كما استشهد تحت أنقاضها العشرات، بينهم عائلات بأكملها.

وبينما يقوم "فن التصوير بالدخان" على أخذ لقطة فوتوغرافية لكمية منبعثة من الدخان، يشكلها المصور عن طريق ضبط الإعدادات في كاميرته بمساعدة برامج وتقنيات تعديل مختلفة، حتى الخروج بالصورة التي يريد، كان الدخان في الحالة الفلسطينية جاهزًا لكن بنيت عليه رسوم إبداعية ذات معنى سياسي واجتماعي بالإضافة إلى قيمتها الجمالية.

وخيال الموهوب/ة يذكرني بشيء عاشه –ربما- معظمنا في طفولته، حين كنّا نرى في أشكال الغيوم المارقة وجوهًا وأشجارًا وطيورًا وغير ذلك، مما يتسع له خيال طفل. وبالطبع، السياق في حالة غزة، والمعركة غير المتكافئة الحاصلة هناك، هو ما أسهم في تشكيل الخيال، أي أن الخيال كان موجهًا ومحكومًا بوعي الحرب، لتأتي التأويلات للمعنى في اللوحات المُشكَلّة من الدخان، متقاربة في نظر الأغلبية، على الأقل وفق مراقبتي الشخصية لوسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك/ تويتر)، التي ركزت على معاني الصمود والأمل رغم كل الفقد الذي يحياه أهالي القطاع، الناتج عن قصف يومي، ورحيل الأحبة والأصدقاء بالجملة، الشيء الذي قد يدخل الإنسان في أوجاع متتالية لا تتيح حتى الحزن، ما سيتكشّف بإيغال إذا ما أنهت دولة الاحتلال عدوانها، وعمّت "خدعة الهدوء".