هنيدة غانم: الفلسطيني لن يستطيع مواجهة إسرائيل وبيته مليء بالفوضى!

هنيدة غانم لوطن: نحن الآن نواجه "إسرائيل" الثالثة!

21.04.2019 08:20 PM

 

رام الله- وطن: "إسرائيل هي نتاج مشروع استعماري وهي مجموع مهاجرين، ونحن الآن نواجه إسرائيل الثالثة".. هذا ما بدأت به مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية – مدار، هنيدة غانم، حديثها في برنامج "بنكمل وطن" الذي يقدمه الإعلامي عصمت منصور، وأضافت أنه نتيجة لمجموعة من التغيرات الحاصلة في عمق المجتمع الإسرائيلي ونتيجة للعلاقة الداخلية تم التحول في الدولة الإسرائيلية من تيار محسوب على التيار الأشكنازي العلماني الإشتراكي، ميز إسرائيل بمرحلتها الأولى أو ما وصفته بـ "إسرائيل الأولى".

وقالت غانم: تميزت المرحلة الأولى من إقامة إسرائيل حتى العام 1977 بالنخب الأشكنازية التي قادت دولة الاحتلال منذ العام 1948 ومن ضمنهم بن غوريون.

وبعد العام 1977 شهدت إسرائيل صعود تيار الليكود بقيادة مناحيم بيغين وهو تيار أيديولوجي يميني، واستمر هذا التيار بشكل فعلي ونجح بدعم من اليهود الشرقيين، الذين كانوا يشعرون بسوء المعاملة، واستمر هذا الصعود المعتمد على الاحتجاج الاجتماعي للشرقيين، إلى حد صعود التيار الثالث وهو تيار اليمين الجديد، وأشارت غانم أن اليمين الإسرائيلي الجديد أكثر إستيطانية من اليمين الذي سبقه وقاد إسرائيل في الفترة الواقعة ما بين 1977 حتى 1999. 

وأضافت الليكود الحالي فيه هذا الجيل المتمرد على جيل الأمراء وعلى الفكر الذي مثله جيبوتنسكي، وهو أكثر ميل للشعبوية المبنية على نزع الشرعية عن المؤسسة الدولة، أو نزع الشرعية عن البقرات المقدسة في الدولة الإسرائيلية، على حد وصفها.

وأشارت غانم إلى بدء المساعي لصعود التيار اليميني الجديد في العام 1996 بسبب الوضع الداخلي الإسرائيلي ومقتل رابين آنذاك، وفي العام 2009 ظهر بشكل جلي وأخذ بالتصاعد تدريجياً حتى يومنا هذا، مدللة على ذلك بنتائج الانتخابات الأخيرة مطلع الشهر الحالي.

وخلصت غانم بالقول إن إسرائيل الأولى قادها التيار الأشكنازي الاشتراكي منذ العام 1948 وحتى 1977، وإسرائيل الثانية قادها تيار اليمين منذ العام 1977 وحتى العام 1999، ومنذ العام 1999 وحتى الآن نحن أمام إسرائيل الثالثة، وما يميزها هو نزع الشرعية الكاملة عن الخطاب الفلسطيني من جهة، ومحاولة صياغة كل ما يتعلق بالنظرة إلى مؤسسات الدولة الإسرائيلية الأساسية من جديد ومن جهة أخرى.

وفي تعقيبها على التقرير الاستراتيجي الصادر عن مركز مدار، أشارت غانم إلى أن التقرير يكشف المحاولات الإسرائيلية الحثيثة على المستوى الدولي لتهميش القضية الفلسطينية، من خلال فرض صفقات وعلاقات تعكس حجم المصالح المتبادلة بين دولة الاحتلال والعالم، سواءٌ كانت مصالح استراتيجية أو اقتصادية أو ايدلوجية مشتركة.

وقالت: التقرير تعمق في كيفية آلية عمل دولة الاحتلال بعد انتخاب نتنياهو لحكومته الخامسة على فرض الأجندة اليمينية على أرض الواقع.

ونوهت غانم إلى أن التقرير يغطي سبعة محاور أساسية منها محور إسرائيل والقضية الفلسطينية والسلوك الإسرائيلي من أجل حسم القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى المشهد الحزبي السياسي الداخلي الاسرائيلي.

وحول أهم التفاعلات في المشهد الإسرائيلي في المرحلة الحالية أشارت غتنم إلى انه يشهد صراعاً في الوقت الحالي، وفي شكله العام أكدت أن فيه إنزياح إلى اليمين، وسعي لتحقيق وفرض رؤية اليمين على أرض الواقع.

ودللت على ذلك بأن آخر محاولة جدية للوصول إلى اتفاق تفاهم أو سلام مع الفلسطينيين كانت بعهد رئيس الحكومة الأسبق إيهودى أولمرت، ومنذ العام 2009 حلت الأيديولوجيا اليمينة المتطرفة محل الإتفاقيات. 

وأضافت نتنياهو استطاع أن يحسم الصراع لخدمة مصلحة إسرائيل الكبرى، وهذا ما يفسر الازدياد المطرد بأعداد المستوطنات على سبيل المثال، وأكدت أن نتنياهو كان يسعى إلى إدارة الصراع من خلال المراوغة في العام 2009 ، في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ولكنه يسعى  إلى الحسم في عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.

وفي تعليقها على خطة الرئيس الأمريكي ترامب للسلام، والمعروفة ب "صفقة القرن"، قال غانم: نتنياهو يراهن أن الفلسطينين سيقول لا لصفقة القرن، وفي هذه الحالة فإنه يمتلك مجموعة من الخطط البديلة، التي صاغها اليمين الديني الاستطياني، وأنه لن يقدم طرحاً ضمن أي من الخطط يبتعد عن الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة.

وفي قرائتها لنتائج الانتخابات التشريعية الإسرائيلية "انتخابات الكنيست، قالت غانم إن نسبة الذين صوتوا  للاستطيان هم 63% من اليهود، بينما صوتت ما نسبته 40 % أو أقل من اليهود صوتوا للوسط ولليسار، بمعنى أن نتنياهو كسب الانتخابات على أساس برنامجه السياسي اليميني. 

وحول المطلوب فلسطينياً أكدت غانم بأن القلق حيال القضية الفلسطينية في المرحلة الحالية أكبر، وأن على الفلسطينيين أن يقلقوا أكثر من السابق، وذلك بالنظر إلى السياق العربي والإقليمي والدولي الذي وصفته بالمفكك والمهلهل والمنقسم على نفسه من جهة، وفي ظل عدم وجود الجيوش العربية التقليدية من جهة أخرى.

وأشارت غانم إلى التحولات الكبيرة في التركيبة السياسية والاجتماعية العربية، وقالت: إلى وقت قريب والعقيدة الأمنية العربية كانت ترى في إسرائيل عدواً، بينما الآن إسرائيل وبعض الدول السنية حلفاء في مواجهة إيران.

وبينت غانم أنه وفق التقييمات الأمنية الإسرائيلية، وكما جاء في الفصل الأمني من تقرير مركز مدار الاستراتيجي، فإن التحدي الأساسي لدى إسرائيل يتركز على الجبهة الشمالية والاندماج للجبهتين (السورية اللبنانية)، إلى جانب المشروع النووي الإيراني، بينما غزة لا تشكل خطراً أمنياً بالرغم من التصعيد العسكري الأخير ضد القطاع.

وحول الفلسطينين في الداخل المحتل رأت غانم أن هذه الانتخابات أعطت الأحزاب العربية في الداخل المحتلة فرصة لإثبات نفسها، وإثبات إمكانيتها واستعدادها لتمثيل فلسطيني الداخل. وقالت: "اليمين لن يتراجع اليمين فكر وتوجه وليس فقط أحزاب"، الأمر الذي يتطلب مجهوداً إضافياً من الأحزاب العربية في الداخل المحتل. 

واشارت غانم إلى ظروف السياق الاجتماعي للعرب الفلسطينيين الموجودين في الداخل ، في ظل الدولة التي تتبنى فكرة يهودية الدولة، وأن كل ما يمت للتهويد هو شرعي ومقبول وهو روح الدولة، وأن الفلسطينيين هناك رعايا وليسوا مواطنين بروح المواطنة.

وأوضحت حالة الهرمية في بنية المجتمع الإسرائيلي بقولها: "هناك مواطن ومواطن أقل"، وأشارت إلى سعي الدولة الإسرائيلية إلى الحفاظ على إسرائيل دولة ذات أغلبية يهودية.

وأكدت غانم بأن الكثير من الصراعات والتحديات الداخلية تعصف بنتنياهو، ووصفته بأنه يقف وعلى يمينه صفقة القرن وعلى يساره السجن، وفي حال تخلص من السجن فإنه سيتوجه لتشكيل حكومة يمينة صغيرة، فمصيره معلق ورأسه على المقصلة في حال ذهب إلى الحكومة مع أزرق أبيض وأحزاب أخرى من التيار العلماني اليميني المتطرف الذي يقوده لبيرمان وبين الحارديم. 

وفي ظل المعطيات والمؤشرات السابق ذكرها فإن اتجاه اليمين يتصاعد ويتنامى أكثر فأكثر. 

وفي نهاية الحوار، قالت غانم إن ترتيب البيت الفلسطيني والعمل على المأسسة الفلسطينية في الداخل وفي الضفة الغربية أولوية، لأن الفلسطيني لن يستطيع مواجهة إسرائيل وبيته مليء بالفوضى، وأضافت يمنع على الفلسطيني منعاً باتاً أن يكون وضعه بهذه الركاكة.

تصميم وتطوير