أبو شرار: العهد القديم انتهى والقاضي الفاسد سترفع عنه الحصانة ويحاكم، وسأحترم قرار "الدستورية" وأعارض خفض سن تقاعد القضاة

أبو شرار لوطن: الرئيس طمأنني بأنه لن يسمح لأحد بالتدخل في القضاء، وننسق مع المجتمع المدني لإصلاح القضاء، وسأستقيل من منصبي إذا وجدت معيقات من السلطة التنفيذية في عملية الإصلاح

29.07.2019 10:15 PM

رام الله- وطن: قال رئيس مجلس القضاء الانتقالي عيسى ابو شرار إن الرئيس محمود عباس منحه تطمينات بأنه لن يسمح لأحد بالتدخل في عمل مجلس القضاء الانتقالي.

وأكد أبو شرار أن سيستقيل من منصبه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى الانتقالي إذا وجد معيقات أو تدخلات من قبل السلطة التنفيذية في عملية إصلاح القضاء وتطويره.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "عدل" الذي يبث عبر شبكة وطن الاعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ويقدمه المحامي أنس الكسواني.

وقال أبو شرار "التقيت بالرئيس قبل حلف اليمين بأسبوع وسمعت تطمينات منه بأنه لن يتدخل أحد في عمل المجلس الانتقالي، وما يهمني أن لا يتدخل احد في عمل مجلس القضاء الانتقالي، وان يكون المجلس له الحرية".

وأضاف "سمعت تطمينات من الرئيس بأن الحكومة ستوفر لنا كل ما يلزم في تطوير القضاء وإصلاحه، ففي المرحلة الاولى لدينا إمكانية لتعيين 35 قاضيا جديدا بدلا من القضاة الذين تمت احالتهم للتقاعد، واذا توفرت الامكانيات البشرية ,وجدنا أشخاصا مؤهلين بإمكاننا تعيينهم في المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف وثم محكمة البداية والصلح مباشرة، من خارج السلك القضائي، لكن بالدرجة الأولى يتوجب علينا ترقية القضاة في الجهاز القضائي وبعدها على ضوء النواقص نعمل على ملء الشواغر من خارج الجهاز القضائي".

وأوضح أبو شرار "في فترتي الاولى كرئيس لمجلس القضاء من عام 2005 الى 2009 كنت رئيسا لمجلس القضاء الاعلى واتحدى ان اكون قد سمحت لاحد بالتدخل في العمل القضائي، حيث كان هناك تحسن في اداء القضاء وثقة للمواطنين به".

وقال إن العبرة في الدرجة الأولى ان يكون القاضي مستقلا، وألا يسمح لاحد بالتدخل في عمله من زملائه او من خارج القضاء.

سأستقيل في حال وجدت عراقيل أو معيقات في عملية إصلاح القضاء

وأضاف: إن كان القاضي يرتعب من وكيل النيابة هذا يعني أنه من الصعوبة يتم اصلاح القضاء، ونحن في مجلس القضاء الانتقالي سنكون حازمين وسنضع حد لأي جهة ومنعها من التدخل في القضاء وقراراته، وإذا وجدت معيقات من السلطة التنفيذية في سبيل اصلاح القضاء لن ابقى دقيقة واحدة على رأس المجلس الانتقالي وسأقدم استقالتي، وعليهم مواجهة الرأي العام في ذلك.

وحول قدرة السلطة القضائية على حماية نفسها من التدخلات، قال أبو شرار إنه منذ ان تسلمت السلطة الفلسطينية القضاء من الاسرائيليين عام 1996، لم تعمل على بناء قضاء قادر على حماية نفسه بنفسه، ولم تستطع بناية سلطة قضائية تستطيع ان تقف بوجه المؤثرات الخارجية ولم تعمل على بناء قاضي حر مستقل. مضيفاً: المشكلة التي تواجه القضاء هي الخلل البنيوي في القضاء إن لم يتمكن المجلس الانتقالي من بناء قضاء خالٍ من الشوائب وقضاة لديهم انتماء ومتعاونين لن نتمكن من بناء قضاء مستقل.

عيوب تشريعية

وأوضح أنه يوجد بعض النصوص في قانون العقوبات تمنع التدخل في القضاء ، وهناك بعض المواد القانونية في القانون الاساسي تنص على ذلك، لكن لم تصدر تشريعات مؤيدة لها، لكن يتوجب اصدار قانون ليحدد التجريم.

وأشار إلى وجود عيوب تشريعية، فقانون السلطة القضائية خلا من اي امكانية من محاسبة القاضي محاسبة فعلية، ففي دول العالم يوجد آليات للتخلص من القضاة المترهلين أو الذين عليهم شبهات فساد، فعندما يحال القاضي للتفتيش القضائي يقدم استقالته مباشرة في تلك الدول.

وقال أبو شرار إنه عندما طالب سابقا باجراء تعديلات على بعض التشريعات، وقفت بعض منظمات المجتمع المدني ضده، وتحالف بعض القضاة مع مؤسسات المجتمع المدني، كما قامت بعض القوى السياسية بتعطيل عملية الإصلاح القانوني.

وأضاف أن قانون السلطة القضائية حصّن القاضي قبل تنقية القضاء من الشوائب، حيث لا تستطيع ان تعرف أن القاضي صالح او غير صالح الا بعد مرور 3 سنوات على تعيينه، لذلك يجب بعدها تقرير مصيره بتثبيته أو وقفه عن العمل.

معارض لتخفيض سن تقاعد القضاة

وبشأن تخفيض سن التقاعد للقضاة، أبدى أبو شرار معارضته لهذا القرار، قائلاً: انا معارض لتخفيض سن التقاعد لانها ليست وسيلة ناجعة في اصلاح القضاء، باعتقادي كان هناك ظلم في تخفيض السن وهناك قضاة صالحين تمت إحالتهم للتقاعد، الأمر الذي أوجد خللاً في المحكمة العليا، فالقضاة الذين سيتم نقلهم للمحكمة العليا لا يوجد لديهم خبرة من القضاة السابقين، وبالتالي كأننا نبدأ من جديد في العليا، إضافة الى ذلك لا يوجد قاضي لديه خبرة في القانون الإداري ليكون صالحا لمحكمة العدل العليا كمحكمة قضاء اداري".

سأحترم قرار الدستورية بشأن القرارين بقانون

وفيما يتعلق بتقديم 16 قاضياً طعناً لدى المحكمة الدستورية حول القرارين بقانون بتخفيض سن تقاعد القضاة من 71عاما الى 60 عاما، وحل مجلس القضاء الأعلى السابق وتشكيل مجلس انتقالي منه لاصلاح القضاء، قال أبو شرار إن هذا الطعن هو حق دستوري، ورئيس المحكمة الدستورية موجود خارج فلسطين ولا يوجد امكانية لانعقاد المحكمة الدستورية قبل تاريخ 1/9/2019، أي بداية السنة القضائية، وبالتالي لا يوجد امكانية لانعقاد المحكمة حتى تصدر قرارها بقبول أو رد الطعن، لذلك مجلس القضاء الانتقالي مستمر في عمله.

وأبدى أبو شرار احترامه لقرار المحكمة الدستورية في حال قبلت طعن القضاة، قائلاً: في حال صدر قرار من الدستورية بقبول الطعن سيعيدنا الى نقطة البداية، لذلك لا نستطيع مقاومة حالة قانونية.

البداية بالتفتيش القضائي ثم تقييم القضاة

وأوضح أبو شرار أن أول مؤسسة بنيناها هي التفتيش القضائي، وقمنا بانتداب احد قضاة الاستئناف ليكون قائماً بأعمال رئيس التفتيش القضائي، ويوميا أتابع مع التفتيش القضائي عملهم، وسنعمل على إعادة هيكلة محاكمنا قبل تاريخ بداية السنة القضائية الجديدة وهو 1/9/2019، لتكون المحاكم جاهزة للعمل قبل السنة القضائية.

وقال إن أول عمل سوف يقوم به المجلس الانتقالي بعد ترقية القضاة هو تقييم القضاة، بحيث تكون التقييمات جاهزة وسيتم اعتماد الكفاءة على الأقدمية في الترقيات دون التلاعب بالاقدميات، ومن لا يستحق لن يتم ترقيته.

وفيما يتعلق بآلية عمل التفتيش القضائي، قال ابو شرار إنها اول مؤسسة بدأنا فيها هي التفتيش القضائي، ولدينا لوائح ومدونات السلوك القضائي سنعيد النظر فيها وتطويرها بما يتلائم مع مقتضيات العصر، وسيكون للتفتيش دور بناء في التفتيش على القاضي، ثم يقوم برفع التوصيات الى مجلس القضاء ثم يحيله للمحكمة العليا لمحاسبته.

وأكد أنه لن تتم ترقية اي قاضي قبل أن يتم وضع جميع توصيات التفتيش القضائي امام مجلس القضاء الاعلى.

سيتم فتح جميع الملفات ومن يثبت عليه الفساد من القضاة سترفع عنه الحصانة ويحال لمحكمة جرائم الفساد

وأشار إلى أنه قد يكون هناك شكاوى كيدية ضد القضاة، فلا يجوز محاسبة القاضي الا وفق آلية قانونية محددة، فإذا كان عليه شبهة فساد، تبين انه انكر العدالة يجوز التفتيش عليه ومحاسبته، إذ أن كل اجراءات القاضي خاضعة للتفتيش إلا رأي القاضي غير خاضع للتفتيش لان في ذلك تأثير على حرية الرأي، فالتفتيش يتم فقط على الاجراءات وعلى سلوك القاضي.

وقال: هناك مخالفات مسلكة وهناك جرائم جزائية ، اذا ارتكب القاضي مخالفة مسلكية يحيله مجلس القضاء للتأديب وقد يصل للعزل، واذا ارتكب جرائم جزائية يحال لمحاكمة جزائية ، ولم يقم مجلس القضاء في السنوات السابقة بمحاسبة اي قاضي تحوم حوله شبهة فساد، وكل الملفات الموضوعة على الرف سيتم فتحها حتى التي تم إغلاقها، وسيتم محاكمة من تثبت عليه أدلة، ومن يتوجب رفع الحصانة عنه سنرفع الحصانة عنه وسنحيله لمحكمة جرائم الفساد.

وأضاف: العهد القديم انتهى وسنتعامل مع القضاة بمنتهى الشفافية والحزم، وسنقوم بفتح المحاكم الساعة 9 صباحا حتى آخر الدوام وسنبلغ نقابة المحامين بذلك، وسيكون القاضي مؤدب في التعامل مع المواطن والمحامي، وسنطلب من نقابة المحامين ان يقوم المحامي باحترام القاضي وما يمثله القاضي باحترام شديد.

التعيينات بمنتهى الشفافية

وأكد أبو شرار أن "التعيينات سوف تكون بمنتهى الشفافية والنزاهة وسندعو نقابة المحامين والمجتمع المدني لإرسال ممثلين لهم لمراقبة عملية المسابقة، ويوم الاربعاء سيكون هناك اجتماع لمجلس القضاء، سيتم خلاله تسمية اللجنة المشرفة على الامتحان والموكل لها اجراء المقابلات". مضيفاً: كل العمل الذي سنقوم به سيكون على مرأى المجتمع المدني ونقابة المحامين.

كما أكد أبو شرار أن عدد المحامين الذين سيتم تعيينهم في القضاة في حال اجتازوا الامتحان أكبر بكثير من عدد أعضاء النيابة الذين يتقدمون للمسابقة. مشدداً أنه "لن نقبل في القضاء اي اسم في النيابة كان عليه اشكالية او اعتراض".

"كلامي بشأن مهنة المحاماة والمحاميين فهمت خارج السياق"

وفيما يتعلق بتصريحات سابقة له لـوطن، قال فيها أبو شرار إن مهنة المحاماة والمحامين "غير قادرة على رفد القضاء باحتياجاته نتيجة خلل ونقص في سلوكيات المهنة وآدابها"، الأمر الذي دفع نقابة المحامين للاحتجاج وتلويحها بتحويله لمجلس تأديبي، أوضح أبو شرار إن كلامه فهم خارج السياق.

وقال إن "ما قلته هو أنه لا يمكن ان تتطور مهنة القضاء ما لم تترافق مع تطور مهنة المحاماة وقد قلت إن مهنة المحاماة تعاني من مشاكل وكل مؤسسة في فلسطين تعاني من مشاكل". متسائلاً: "نقابة المحامين تطالب بإصلاح القضاء، ألا يحق لمجلس القضاء ان يقول ان مهنة المحاماة بحاجة لاصلاح، وهناك العديد من المحامين لا يتلقون التدريب الكافي؟"

وتابع: نقابة المحامين شركاء معنا ويحق لمجلس القضاء الانتقالي ان يبدي ملاحظاته عليها إن وجدت، واذا اردنا ان نعيّن قضاة نأتي بهم من نقابة المحامين، ومن حقنا ان نلفت انتباه النقابة لذلك، واذا اردنا اصلاح القضاء نريد محاميا مدربا تدريبا جيدا، إضافة إلى أن نقابة المحامين تشكي من سوء التدريب في كليات الحقوق.

وقال برأيي إن التدريب الحالي لا يؤدي الى تأهيل المحامي تأهيلا كافيا ويجب ان يكون هناك حزم أكبر. مشيراً إلى  مسابقة لتعيين قضاة أجريت سابقاً وتقدم لها 124 محامياً ولم يتمكن أحد منهم اجتياز الامتحان بنجاح.

وأعتبر أبو شرار أن المحامين هم الحلقة الوسط بين القضاء والمواطنين، لذلك أوجه بأن يكون لهم دور في اصلاح القضاء وان تعمل نقابة المحامين على تكثيف التدريب، وإنشاء معهد لتدريب المحامين وفق اسس حديثة، واتمنى ان ننتقل بالتدرج في مهنة المحاماة ، بحيث مع مرور مدة معينة يتمكن المحامين من الترافع أمام محاكم الصلح ثم البداية ثم الاستئناف ثم العليا.

يجب رفع رواتب القضاة

وبشأن رفع رواتب القضاة، قال ابو شرار سنطالب الحكومة بتوفير الامكانيات لهذه الزيادة، ويجب ان تلتزم بكل توصيات لجنة اصلاح وتطوير القضاء، وليس فقط بتخفيض سن التقاعد.

الإصلاح سيتم بالتشاور مع المجتمع المدني ونقابة المحامين

وبشأن التشاور مع المجتمع المدني ونقابة المحامين في عملية إصلاح وتطوير القضاء، قال أبو شرار "سنتشاور مع المجتمع المدني في اصلاح القضاء، وسنلتقي بمنظمات المجتمع المدني حول اصلاح القضاء، ونطالب المجتمع المدني ونقابة المحامين ان تكون شريكة في اصلاح القضاء".

وفي رسالته التي وجهها لنقابة المحامين والمجتمع المدني والسلطة التنفيذية والقضاة، شدد فيها على ضرورة الحفاظ على هيبة القضاء واستقلاليته وحمايته من التدخلات الخارجية، والعمل على تطويره وإصلاحه وتوفير الامكانيات لتطويره، وأن تكون نقابة المحامين والمجتمع المدني شركاء في عملية الاصلاح والتطوير. كما شدد على دور الإعلام في ذلك.

تصميم وتطوير