دويك: التفتيش يجب أن يضمن استقلال القاضي ومبدأ المساءلة له

عمار دويك والقاضي فواز عطية لـوطن: دائرة التفتيش قصرت بعملها سابقاً بسبب إهمال مجالس القضاء، ويجب أن تأخذ دورها الآن

23.09.2019 10:11 PM

 

رام الله- وطن: أكد رئيس دائرة التفتيش القضائي القاضي فواز عطية،  ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان (ديوان المظالم) د.عمار دويك، أن دائرة التفتيش القضائي كانت مقصرة في القيام بدورها خلال عمل الإدارات السابقة لمجلس القضاء الأعلى، ولم تيم اتخاذ إجراءات جدية بحق القضاة المقصرين في عملهم.

جاء ذلك خلال برنامج "عدل" الذي يبث عبر شبكة وطن الاعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ويقدمه المحامي أنس الكسواني.

وقال القاضي عطية إنه كان هناك تقصيرا في التفتيش القضائي، لأن الإدارات المتعاقبة لمجلس القضاء لم تكن تعطي الاهتمام لدائرة التفتيش القضائي، التي تعتبر اليد لمجلس القضاء الأعلى.

وأضاف القاضي عطية: بكل امانة وصدق كل القضاة يعتقدون ان تواجد القاضي في دائرة التفتيش هو عبارة عن عقوبة، اذ لم يكن هناك ثقافة بأن التفتيش القضائي له اهمية كبرى، فللأسف يعتقد كثير من القضاة أن القاضي المقصر يتم إرساله الى المكتب الفني او دائرة التفتيش القضائي، وقد سمعت من احد القضاة ان دائرة التفتيش هي عبارة عن إجازة مفتوحة للقاضي.

وتابع: مشكلة الإدارات المتعاقبة لم تفعّل دائرة التفتيش، التي مهمتها توجيه القاضي وتبيان نقاط القوة والضعف في القضاء، وليست كما يعتقد البعض بأنها خصم للقاضي.

ودعا مجلس القضاء الأعلى لمعالجة هذه الظاهرة، حتى يتم تطبيق مبدئين، الأول توجيه القضاة، والثاني تطبيق مبدأ الثواب والعقاب. مؤكداً أن القاضي محصن فقط في قراراته القضائية، ولكنه يحاسب اذا أخطأ، ويُسأل على سلوكه.

وأشار إلى أنه من المفترض أن يتم وضع أفضل القضاة في دائرة التفتيش القضائي والمكتب الفني وليس العكس، ففي الاردن مثلا، يتم وضع خيرة القضاة في دائرة التفتيش والمكتب الفني. لافتاً إلى أن دائرة التفتيش الحالية، باتت تضم افضل القضاة الموجودين، وتم تكليفه من قبل رئيس المجلس القضاء الأعلى الانتقالي عيسى ابو شرار لاختيار القضاة في هذه الدائرة، وتم الاختيار من رؤساء بعض المحاكم، كما يتم العمل على تجديد لائحة التفتيش القضائي وفق التجارب والقوانين الدولية الحديثة.

التفتيش القضائي بات يسري على قضاة العليا

وقال القاضي عطية إن رئيس المجلس أبو شرار أصدر أمس قراراً ببدء عملية التقييم الشامل للقضاة، ونحن سعدنا أن يشمل ذلك قضاة المحكمة العليا بحيث أصبحوا خضاعين للتفتيش القضائي، وقد بدأنا عملية احضار الملفات بالتسلسل، ويجب ان نتقي الله وان نكون على قدر كبير من النزاهة والشفافية.

وأشار إلى ضرورة النظر بالبيئة المحيطة في القاضي مثل مكان وبناية المحكمة ومدى مراعاتها للمواصفات، من حيث الاكتظاظ والمرافق، وغيرها.

40% من الشكاوى ضد القضاة تتعلق بحكم قضائي

وأكد أن دائرة التفتيش لا تتدخل في الاحكام الصادرة عن القاضي، اي لا تتدخل في عمله القضائي، حيث أن هناك نسبة 40% من الشكاوى تم حفظها وعدم النظر فيها لأنها تتعلق بحكم قضائي لم يوافق عليه المشتكي.

وحول الشكاوى الكيدية ضد القضاة، أكد القاضي عطية أن الشكوى الكيدية بموجب لائحة التتفيش القضائي، توجب على القاضي ان يحيل المشتكي للنيابة في حال كانت شكواه كيدية لان هذه الشكوى تمس سمعة وشرف القاضي، لذلك يجب على المشتكي يجب ان يكون متأكداً من أن شكواه صحيحة وليست كيدية، حيث سبق وقمنا بتحويل اثنين من الخصوم للنيابة العامة.

اما بالنسبة لشكوى المواطن البسيط العادي، فمحاميه يدفعه لتقديم شكوى ضد القاضي، لذلك هناك شروط لقبول الشكوى، ويتم التعامل معها بحذر ويتم التحقق من صحتها، وفق ما أوضح القاضي عطية.

وفيما يتعلق بالشكوى المتعلقة بسلوك القاضي، فأوضح أن المفتش له صلاحيات بتنبيه القاضي خطياً او احالته لقاضي تحقيق او توجيهه اذا كان السلوك لا يستحق العقاب.

واستحضر القاضي عطية شكوى حدثت اليوم، قائلاً: قدمت اليوم شكوى ضد أحد القضاة، وتم تبليغ النتيجة خطياً للخصم، وهذا الخصم استغل هذا الموقف ووقف امام القاضي وقال له توقف عن النظر في الملفات الخاصة بي لانك ظالم واخذت تنبيهات وانذارات، لذلك وجهنا كتاب لرئيس المجلس بأن يتم ابلاغ الخصم بالنتيجة شفاهية حتى لا يصبح الكتاب الخطي ابتزازاً.

وحول مبدأ المحاسبة، استحضر القاضي عطية قضية وصلت إلى محكمة النقض، وكان بها خطأ جسيم بشكل واضح، حيث أن شخصاً رفع دعوى مطالبة بإخلاء مأجور لكن كانت نتيجة الحكم دعوى عمالية، وهنا اعتبر الحكم خطأ جسيم وتم التوصية لرئيس مجلس القضاء الاعلى السابق بضرورة التحقيق وبالتالي هنا تبدأ عملية المحاسبة.

وأشار إلى أن "بعض القضاة ينهون قضايا بنسبة أكبر في محاكم أو أماكن أخرى، من الأماكن التي تم وضعهم بها، لذلك حاولت نقل بعض القضاة لأماكن تمكنهم من رفع نسبة أدائهم، إلا أن ذلك لم يلق آذاناً صاغية".

وأكد أن دائرة التفتيش كان لها دور مؤخراً في عملية تشكيل القضائي بنسبة 80%، بهدف الرقي بالعمل القضائي.

لايجوز للقاضي التعليق إعلاميا في الشأن السياسي

وبشأن التعميم الصادر عن مجلس القضاء الأعلى حول منع القضاة من الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام أو الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح القاضي عطية أن هذا التعميم لم يكن عبارة عن ردة فعل، وإنما الذي حدث أنه كان هناك ملفات تتعلق بالتلاسن على الحكومة السابقة، وكان لنا كدائرة التفتيش رأي بأن القاضي يجب ان ينأى بنفسه عن عمل الحكومة والشأن السياسي، وعندما جاء المجلس الحالي وجد هذه الملفات امامه ولم تعالج.

دويك: التفتيش يجب أن يضمن استقلال القاضي ومبدأ المساءلة له

من جانبه، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان (ديوان المظالم) د.عمار دويك إن دائرة التفتيش القضائية لديها حساسية، لذلك يجب أن تضمن استقلال القضائي ومبدأ المساءلة القضائية في نفس الوقت.

وأوضح أنه على مدار السنوات السابقة كانت هناك اشكالية في التفتيش القضائي، إذ كان معطلا ولم يكن هناك محاسبة او مساءلة للقضاة، ولا نذكر خلال السنوات الماضية أن تم اتخاذ اجراءات جدية بحق بعض القضاة او انهاء خدماتهم، وبالتالي كانت اشكالية، كما ان هناك اشكالية بالقانون نفسه، فقضاة المحكمة العليا لا يخضعون للتفتيش، كما أن التتفيش على النيابة العامة لم يكن واضحا بشكل كافي، لذلك جدية التفتيش لم تكن كافية.

توصيات لتفعيل دائرة التفتيش

وبيّن دويك أنه تم وضع توصيات تتعلق بالتفتيش القضائي لدى اللجنة الرئاسية لإصلاح وتطوير القضاء، من ضمنها اخضاع جميع القضاة بمن فيهم قضاة العليا للتفتيش باستثناء رئيس المجلس القضاء الأعلى الذي يجب ان يكون له آلية أخرى للمساءلة تختلف عن آلية القضاة لان طبيعة عمله تختلف عن القضاة، وتوصية أخرى تتعلق بجدية التفتيش بحيث أن القاضي الذي يحصل على مستوى اقل من المتوسط في الاداء على مدار عامين متتاليين، يمكن اتخاذ اجراء بحقه يصل الى إنهاء عمله او نقله الى وظيفة غير قضائية او إحالته للتقاعد.

وكان هناك توصية أخرى بفصل المكتب الفني عن دائرة التفتيش، لان طبيعة عمل كل من الدائرتين مختلفة عن بعضها، حيث حسب قانون السلطة القضائية عام 2002، يكون رئيس دائرة التفتيش هو نفسه رئيس المكتب الفني.

كما ان هناك توصية اخرى تتعلق بتبعية دائرة التفتيش ، حاليا يتم تعيين رئيس دائرة التفتيش ضمن التشكيلة القضائية مع امكانية تغييره كل عام ، وبالتالي كان هناك توصية بتحصين رئيس دائرة التفتيش بأن يكون تعيينه مثل رئيس مجلس القضاء الأعلى بتنسيب من رئيس المجلس القضاء وبموافقة الرئيس لفترة تستمر لأربع سنوات.

وأوضح أن "الشكاوى ضد اي قاضي، بحاجة لتوضيح اكثر وتوصيتنا ان دائرة التفتيش تتلقى الشكاوى مباشرة وليس مثل الان تذهب الشكاوى لمجلس القضاء وهو يقرر احالتها لدائرة التفيش ام لا، وان يكون هناك اطار زمني للرد على المواطن والفصل في الشكوى"، مضيفاً: بالتالي في حال تم ذلك خلال تعديل قانون السلطة القضائية يؤدي لرفع ثقة المواطنين بالجهاز القضائي ويرفع جودة العمل القضائي.

الهيئة تقف إلى جانب حرية الرأي والتعبير للقضاة باستثناء ما يخدش هيبة القضاء

وحول موقف الهيئة من قرار مجلس القضاء الأعلى بمنع القضاة من التصريح للإعلام، أوضح دويك أن هذا القرار خاضع للنقاش.

وقال: نحن في الهيئة نقف الى جانب حرية الرأي والتعبير، ووجدت ان هذا الجدل موجود في دول متطورة، وموقفنا توسيع هامش الحريات وان لا تكون القيود الا في استثناءات ووفق نصوص واضحة مثل الخدش أو الحط من هيبة القضاء، بالتالي يجب وضعها بضوابط محددة. مضيفاً: يجب على القاضي ان لا يعطي رأيه في قضية منظورة امامه.

ودعا القضاة للجلوس مع بعضهم وتحديد ما هي الضوابط للكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، واذا كان هناك اجراءات ستأخذ بحق اي قاضي مخالف لمدونة السلوك، يجب ان يكون هناك جهة داخل القضاء توفر له الضمانات بأن يستطيع الدفاع عن نفسه.

المطلوب من "الانتقالي" التأسيس للتفتيش القضائي

وطالب دويك مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بضرورة التأسيس للتفتيش القضائي، قائلاً: قبل عام كان من الواضح للعيان ان هناك مشكلة في التفتيش القضائي، وهو ضعف في المحاسبة والمساءلة، لذلك تعزيز التفتيش القضائي كان احد القضايا التي تم طرحها في رؤية تطوير واصلاح القضاء التي اعدتها مؤسسات المجتمع المدني وقمت بنقلها للجنة الرئاسيو، وهذه التوصيات يجب النظر فيها، والمطلوب من المجلس الانتقالي أن يؤسس للمستقبل وبالتالي التأسيس للتفتيش القضائي.

تصميم وتطوير