الانتخابات التشريعية والرئاسية واحترام نتائجها هي المدخل لتوحيد القضاء بين الضفة وغزة

محامون وحقوقيون لـوطن: قرار صلح رام الله بحجب عشرات المواقع الإلكترونية كارثي ويوم أسود

21.10.2019 08:42 PM

وطن: أكد محامون وحقوقيون أن قرار محكمة الصلح في رام الله بحجب عشرات المواقع الإلكترونية، بناء على طلب من النائب العام، كارثي ويوم أسود ويشكل ضربة قاتلة للحريات الصحفية واستقلال القضاء.

جاء ذلك خلال برنامج "عدل" الذي يبث عبر شبكة وطن الاعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ويقدمه المحامي أنس الكسواني.

القرار صادم وضربة للحريات

وقال المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون ماجد العاروري إن قرار صلح رام الله، جاء بالجملة وهو صادم ويشكل ضربة قاتلة للحريات الصحفية ولمفهوم استقلال القضاء الفلسطيني، ولكل الجوانب المتعلقة بسيادة القانون.

وأضاف العاروري "حين اشاهد قرارا يفترض أن يكون وفق المادة 39 من القانون المعدل للجرائم الالكترونية، يقدم ويتم النظر فيه خلال 24 ساعة واجد ان هناك امكانية للتداول والتدقيق لقرار يشمل حوالي 59 مؤسسة، ورغم ذلك يصدر بنفس اليوم، يعني أن القرار لم يخضع لنقاش ولا لتدقيق ولا لقراءة ".

وتابع العاروري: أن تصدر قرارات عن القضاء بهذا المستوى اعتبره كارثي ولم يكن هذا ما نطالب به مرارا وتكرارا لاصلاح القضاء.

يشار إلى أن محكمة الصلح في رام الله أصدرت قرارا بحجب 59 موقعاً إلكترونياً، لكن القرار شمل أسماء مكررة لنحو 10 مواقع إلكترونية، مما دفع العاروري لانتقاده واعتبار ذلك أن القرار لم يخضع للتدقيق.

وقال: حين اجد في القرار أن العديد من أسماء المستدعى ضدهم مكررة ، يعني اننا نصدر قرارات قضائية غير مقروءة على الاطلاق إن لم تكن مكتوبة في الخارج، وهذه مسألة خطيرة، فإصلاح القضاء لا يكون بإصدار قرارات قضائية لا تحمي الحقوق والحريات .

وأضاف العاروري: ما شاهدته اليوم هو يوم أسود ومحبط جدا، بصدور قرارات قضائية بهذا الشكل، لأن الحد الأدنى يجب ان تخضع هذه القرارات للتدقيق، بالتالي ما دام المستدعى ضدهم لم يخضعوا للتدقيق يعني أنه لم يكن هناك تدقيق، وأن هناك اشكالية بالقرارات التي يتخذها القضاء، وتشير إلى أن يد السلطة التنفيذية او جهات خارج القضاء ما زالت تقرر وقد تحدثنا ذلك علنا، مثل الحديث عن محكمة العدل العليا ، وعن محكمة النقض ولم نكن نخشى في يوم من الايام ذلك.

وتابع: صدور قرارات قضائية بهذا الشكل يستوجب الوقوف عنده لانه مجرد تكرار الأسماء، يعني أننا امام اخطاء جسيمة وقع فيه القرار.

لا يجب الحديث عن الأمن القومي في مدينة يقتحمها الاحتلال كل ليلة

وأوضح أن "القرار يتحدث عن مجموعة من الاسباب التي تستدعي الحجب مثل تهديد الامن القومي وتهديد النظام العام والآداب العامة مع الاشارة إلى أنه لا يوجد أي من المواقع الاباحية في قائمة المواقع المحظورة، إضافة إلى ذلك أين وقع الاخلال في الامن بكل ما نشر بهذه المواقع؟ ، أما موضوع الامن القومي فيجب التمييز بينه وبين مزاج المسؤول، ولا يجب الحديث عن الامن القومي في مدينة يقتحمها الاحتلال كل ليلة".

وقال "نحن امام كارثة حقيقية احبطت كل التطلعات نحو اصلاح القضاء ، لاننا كنا ننتظر ان يكون لدينا محاكم قادرة على حماية الحقوق والحريات ، واحترام منظمومة القضاء بما فيها قرارات المحاكم التي يجب ان تكون مستقلة، ويجب ان تكون موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح العاروري أنه يجب على التفتيش القضائي التعامل مع هكذا قرار، وأن يكون قد استند إلى 59 مذكرة توضيحية من النائب العام، بالتالي إذا لم يتوفر ذلك نحن أمام خطأ جسيم بحاجة لمساءلة، لأن جزء من مهمة مجلس القضاء الأعلى محاربة الفساد ومنع التدخل في القضاء.

ورغم انتقاده قرار محكمة صلح رام الله بحجب عشرات المواقع، أثنى العاروري على العديد من القرارات التي صدرت عن محاكم الصلح، قائلاً: إن بعضها نفتخر بها ويجب أن تدرس في الجامعات.

حق الدفاع عن النفس أمام المحكمة مقدس ولا يجب مصادرته

من جانبه، قال مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في غزة المحامي سلامة بسيسو، إن قرار حجب المواقع كان مفاجئ، ولا يجب أتباع سياسة تكميم الأفواه لأن حرية الرأي والتعبير مكفولة حسب القانون والمعاهدات الدولية، ولا يجوز أن تصدر قرارات قضائية بهذا الشكل.

وأضاف أن الانقسام اصاب جميع مناحي الحياة في مقتل، لذلك قرار المحكمة اليوم يأتي ضمن نتائج الانقسام، لذلك يجب أن ينتهي هذا القرار بأسرع وقت.

وأكد بسيسو أن قانون الجرائم الالكترونية فضفاض ويمنح النيابة التقدم لقاضي الصلح دون اعطاء المستدعى ضدهم حق الدفاع عن انفسهم، لذلك حق الدفاع عن النفس أمام القضاء مقدس ولا يجوز بأي حال من الأحوال مصادرته، ولا يجوز مصادرة حق المواطن في التعبير عن رأيه.

هلسة: الأولى حجب موقع المنسق الإسرائيلي

وخلال مداخلة هاتفية، قال المحامي اسامة هلسة إن الانقسام أثر بشكل كبير على الوضع القضائي الفلسطيني نتيجة تعطيل التشريعي، بالتالي اصبحت تصدر قرارات بقوانين منها قرار بقانون الجرائم الالكترونية، وهي قرارات سياسية جاءت لخدمة الاجهزة الامنية والسلطة التنفيذية بهدف تكميم الافواه، وقرار المحكمة اليوم هو قرار كارثي ونقطة سوداء، حيث تم اتخاذ هذا القرار دون اعطاء المستدعى ضدهم حق الدفاع عن انفسهم، فمحكمة الصلح بدلا من أن تنتصر لحرية التعبير، تحابي السلطة التنفيذية.

وأضاف إذا كان القرار بداعي "الأمن القومي"، الأولى من ذلك حجب موقع المنسق الإسرائيلي، وليس حجب مواقع تعارض السلطة، فقرار اليوم جاء لخدمة السلطة التنفيذية وليس لخدمة المواطن.

توحيد القضاء بحاجة لإصلاح النظام السياسي

وفيما يتعلق بموضوع توحيد القضاء بين الضفة وغزة، أكد العاروري وبسيسو أن توحيد القضاء مهم، لكن يجب أن يسبقه إصلاح النظام السياسي بسلطاته الثلاث "التشريعية، التنفيذية، القضائية" من خلال إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وقال العاروري إن توحيد القضاء في منتهى الاهمية، وعندما نتحدث عن الاصلاحات يجب الحديث عن البيئة التي تعيش فيها، منها الفصل بين السلطات الثلاث، والتي غير متوفرة الآن، لذلك نحن بحاجة الى اصلاح النظام السياسي بسلطاته الثلاث، ويتم ذلك بناء على اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية واحترام نتائجها، وبالتالي يصبح لدينا سلطة تشريعية تراقب على أداء السلطة التنفيذية، ثم نصبح قادرين على اصلاح القضاء.

وأضاف نجاح توحيد القضاء بين الضفة وغزة، مرهون بنجاح الواقع السياسي الجديد، المتمثل بإجراء الانتخابات واحترام نتائجها، والذي يشكل المدخل لانهاء الانقسام ثم اصلاح القضاء.

وأشار العاروري إلى أن هناك 280 قرارا بقانون صدرت في الضفة، والعشرات من القوانين والتشريعات صدرت في غزة.

وبشأن كيفية تجاوز الانقسام القضائي في حال تمت المصالحة، أوضح العاروري أن بعض التشريعات سقطت عبر الزمن، وبعضها يمكن إلغاءه، أو يعدل من قبل المجلس التشريعي، أي أن مهمة المجلس التشريعي شاقة بعد إنهاء الانقسام، فبعد إزالة آثار الانقسام المستمر منذ عام 2007، يأتي السير في طريق توحيد السلطة القضائية.

واعتبر أن فصل السياسة عن القضاء في فلسطين لا يمكن أن يحدث بدون إجراء المصالحة والانتخابات، لأن النظام السياسي قد "بطح القوانين أرضاً"، لذلك من الصعوبة مطالبة الجمهور باحترام القوانين.

مبادرات إنهاء الانقسام فشلت بسبب المصالح الخاصة

من جانبه، قال بسيسو إن نقابة المحامين طرحت سابقاً عدة مبادرات لإنهاء الانقسام، التي لاقت استحساناً، لكنها لم تعجب بعض أصحاب المصالح الخاصة، وقد عملت النقابة جاهدة من أجل توحيد الجسم القضائي في الضفة وغزة، لكنها لم تنجح لأن بعض المتنفذين لا يرغبون في المصالحة.

وأكد على ضرورة إبعاد القطاعات التي تمس حياة المواطنين مباشرة عن الانقسام، مثل القضاء والصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية وغيرها، داعياً إلى ضرورة الإسراع في إنهاء الانقسام.

تصميم وتطوير