عباس 36.. هكذا عاد فؤاد الى منزله في حيفا

08.10.2018 09:45 AM

رام الله- وطن- رولا حسنين: يقول حسين البرغوثي  في إحدى رواياته "عندما يفقد أحد ماضيه تماماً، تستطيع أن تصنع بمستقبله ما تشاء، لأنه فقد "ظله" الممتد في التاريخ".. وهذا ما يحاول الاحتلال سلبه من كل فلسطيني يواصل تجذره في أرضه من خلال حفظه للتاريخ الفلسطيني وتناقله للرواية الفلسطينية، خاصة التي تتحدث عن النكبة الكبرى التي عاشها الشعب الفلسطيني عام 1948، والتي خسر فيها الفلسطيني أرضه.

وضمن سلسلة من الإبداع الكبير الذي تقدمه الكاتبة والمخرجة رائدة طه، وقفت مساء الأحد، على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي، لتسرد قصة لم يكن وقعها على عشرات الحاضرين الذين عجّ بهم المسرح، إلا أن وقفوا وصفقوا وبكت عيون الكثير منهم، تأثراً بمسرحية "شارع عباس 36"، مسرحية تناقلت رواية جيل عبر جيل، وأعادت الحق الفلسطيني لصاحبه، في سعي حثيث لإعادة الحق الفلسطيني كاملاً، وعودة الاف اللاجئين الى أراضيهم التي هجّرهم منها الاحتلال على نكبات متتالية.

تسرد طه، قصة نضال رافع ابنة حيفا، والتي وُلدت فيها وترعرت في بيت يطل على البحر، يقع في شارع عباس 36 –اسم المسرحية- حيث تدور الأحداث منذ لحظات النكبة حيث تهجر الاف الفلسطينيين، وتستحضرجدلية واقعية يحياه الكل الفلسطيني، متمثلة في عائلتين "نافع وأبو غيدا" وهي الشتات الذي تعانيه عائلة ابو غيدا صاحبة المنزل المطل على البحر بعد أن هجرت حيفا واستولى الاحتلال على منزلها، والحق الفلسطيني الذي تحاول نضال أن تعيده لأصحابه من خلال فعلها وإيمانها العميق بحق العودة.

وتصوّراً لمشاهد سيطرة الاحتلال على الأرض الفلسطينية بعد تهجير سكانها، تشير طه خلال سردها لأحداث المسرحية كيف كانت السفن تنقل المهجرين الفلسطينيين قسراً الى لبنان وسوريا من ميناء حيفا، وكيف كانت السفن تصل ذات الميناء محملة بالمهاجرين الإسرائيليين الذين سكنوا منازل الفلسطينيين.

وعودة الى البيت المطل على البحر في شارع عباس 36، فإن رائدة أبدعت في وصفه للجمهور، حتى أنه خُيّل لهم كل تفاصيله الدقيقة، البيت الفلسطيني الأصيل، الذي امتلئ حباً وطنياً خالصاً، ورائحة الميرمية والزعتر، والزيت الفلسطيني، وأثاثه القديمة التي تحاكي الأثاث الفلسطيني في تلك الأيام، مع إصرار والدة نضال "الأسيرة المحررة سارة" ألا تُبدل شيئاً في المنزل لتبقيه على حاله عندما علمت العائلة أن المنزل يعود لعائلة أبو غيدا التي تهجر أبناؤها وأحفادها فيما بعد في 28 دولة.

اللافت في المسرحية، أنها عكست حالة الهجرة القسرية الفلسطينية عام النكبة، فعائلة أبو غيدا التي هجرها الاحتلال من فلسطين وعاشت في لبنان وسوريا ثم استقرت في فيننا، سرق بيتها المطل على البحر رجل إسرائيلي قادم من فيننا، نمساوي يدعي ابراهام، ومنه يشتري المحامي الفلسطيني علي الرافع شقة تجمعه مع زوجته وأطفاله، وهذه الحبكة التي تمثلت في إصرار عائلة الرافع على إعادة المالكين الأصليين، ما يشكل شارع 36 عباس حيفا للعائلتين الوطن الضائع.

وعكست رائدة طه إصرار نضال على عودة أبو غيدا الى بيته متمثلة في عودة اللاجئين الفلسطينيين جميعهم، وتسليم والدها المحامي علي مفتاح البيت والأوراق الرسمية للرجل الذي شاب شعره، وتوفي والده شوقاً لمنزلهم وللبحر، فعرف فؤاد منزلهم دون أن يرشده أحد إليه، كيف لا وسارة والدة نضال قد أبقته على حاله منذ أكثر من 50 عاماً.

وانتهى العرض المسرحي بكلمات من النشيد الوطني الفلسطيني "موطني.. هل أراك .. سالماً منعماً وغانماً مكرماً".. وعلى صوت تصفيق الجمهور وحماسهم يظهر مدى نجاع رائدة في ايصال رسالتها التي تحيي الذاكرة الفلسطينية وتنبش في أعماقها الى جمهورها في رام الله، وكانت قد أوصلته لجمهورها في الناصرة في عرض يحاكي ذات العرض.

وحول ذلك تقول نضال الرافع لـ وطن إن هذه القصة هي حكاية الكل الفلسطيني، فهي قالت قصتها وعلى الجميع أن يقولوا حكاياتهم ليؤصلوا للذاكرة الفلسطينية ويحييوا الرواية الفلسطينية، ويجب علينا أن نؤمن بحقنا في عودتنا ليتحقق هذا الحق على أرض الواقع.

فيما تقول رائدة طه خلال حديثها لـ وطن إن هذه المسرحية تمثل  كثير من قصص الفلسطينيين في الداخل، حيث تتخصص طه في الرواية الفلسطينية، وتنتج الروايات عنها والمسرحيات التي تحاكي العقل والقلب معاً.

وولدت رائدة طه في القدس وغادرتها إلى عمان في حرب 1967 ثم إلى بيروت فالولايات المتحدة حيث نالت شهادة الماجستير في الإعلام.

كما والتقت وطن بالمحامي علي رافع الذي جذّر حق العودة وأعاد بيت أبو غيدا الذي سكنه طيلة 50 عاماً، الى أصحابه بحفل استقبال مهيب أقيم أمام المنزل، حيث عبر عن سعادته بذلكـ داعياً الكل الفلسطيني الي محاكاة هذه القصة، حتى عودة الفلسطينيين الى بيوتهم.

أما وزير الثقافة إيهاب بسيسو، فقد قال بدوره إن دعم الوزارة للأعمال الابداعية والتي تتحدث تحديداً عن الوطن، واصفاً العرض المسرحي الخاص بشارع عباس 36 بالعمل الذي تجاوز الأداء للاحتفال بالذاكرة.

مؤكداً على أهمية دعم الوزارة للمبدعين الذين يوصلون الرواية الفلسطينية للكل، واستخدام العبر نحو مستقبل الحرية وااستقلال

 

.

تصميم وتطوير