حين حكم جيفارا غزة!

10.03.2019 03:16 PM

رام الله - وطن: صادفت يوم امس السبت الذكرى السادسة والاربعين لاستشهاد محمد الاسود، والذي يُعرف بجيفارا غزة .

الاسمر الذي عُرف لدى الفلسطينيين كثائر لا يشق له غبار، والذي قض مضاجع الاحتلال، اصبح يعرف لدى الجميع بجيفارا غزة .

شكل الاسمر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مع رفاقه في نهاية الستينات والسبعينات  قلقاً دائماً لجيش الاحتلال، نظرا للعمليات الفدائية التي كانوا يشنوها ضده في قطاع غزة، ما دفع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، لأن يقول: "نحن نحكم غزة في النهار وجيفارا يحكمها في الليل" .

ولد محمد الأسود في 6/1/1946 في مدينة حيفا وخرج مع أسرته بعد النكبة 1948 نازحاً إلى قطاع غزة وسكن في إحدى مخيمات وكالة الغوث.

درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس وكالة الغوث، وحاول إكمال دراسته الجامعية في مصر ولكن عائلته لم تستطع مساعدته فترك الدراسة وعاد للقطاع بعد سنة واحدة حيث عمل هناك موظفاً بسيطاً.

انضم الاسمر إلى حركة القوميين العرب في عام 1963 وأخذ ينشط في كل المجالات فكرياً وتنظيمياً وأصبح من عناصر التنظيم النشطة في القطاع. بعد نكسة حزيران 1967 أصبح قائداً لإحدى المجموعات المقاتلة في منظمة (طلائع المقاومة الشعبية) ثم في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونفذ مع مجموعته عدة عمليات جريئة خلال بدايات العمل المسلح.

اعتقل الاسمر في 15/1/1968 وبقي في السجن لمدة سنتين ونصف الى ان أطلق سراحه في تموز 1970.

واصل الاسمر نضاله بعد خروجه من السجن مباشرة في صفوف الجبهة الشعبية، وقام بنشاط مكثف في إعداد المجموعات العسكرية وتدريبها وتثقيفها.

تدرج في موقعه التنظيمي لما بذله من نشاط وانضباطية عالية وجدية وتقدير للمسؤولية وقدرة على الإبداع والمبادرة حتى أصبح نائب المسؤول العسكري، ثم تولى المسؤولية العسكرية بعد استشهاد رفيقه وتسلم قيادة العمل العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة حتى استشهاده بعد أكثر من سنتين.

في جو المطاردة واستشراس الاحتلال قاد جيفارا غزة رفاقه الثوار بشكل ديناميكي لا يعرف اليأس، واستطاع بسرعة ربط التنظيم السياسي والعسكري، واهتم بإنشاء اللجان العمالية والنسائية والاجتماعية ورعاية أسر الشهداء وحتى ترتيب مكتبة مركزية ومكتبات فرعية في القطاع للتثقيف السياسي والحزبي وكان مثالاً في صبره واجتهاده لكل الرفاق.

استطاع "جيفار غزة" أن يكسب ثقة أبناء غزة حين تصدى لمؤامرات الاحتلال في تهجير سكان غزة بأن نظم مظاهراتهم وإضرابهم الكبير، كما عاقب الخونة والعملاء للاحتلال بعد أن حاكمهم محاكمة عادلة وحذرهم قبل ذلك من التمادي في الخيانة، ووضع شعاراً لمحكمة الثورة هو "أن الثورة لا تظلم.. لكنها لا ترحم".

في التاسع من آذار عام 1973 تمكنت قوات الاحتلال من معرفة مكان وجود جيفارا، فحاصرت البيت الذي كان متواجداً فيه خلف مستشفى الشفاء بمدينة غزة، مستعينة بمئات الجنود والدبابات وبغطاء جوي، ورغم هذا المشهد لم يستسلم جيفارا ورفيقيه عبد الهادي الحايك، وكامل العمصي، واشتبكوا مع قوات الاحتلال إلى أن استشهد ثلاثتهم، وحضر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت موشيه ديان إلى غزة بنفسه للتأكد من استشهاد جيفارا غزة.

أدى الضابط المسؤول عن الهجوم التحية العسكرية لجثمان جيفارا ورفاقه، وقام الجنود الإسرائيليون بتوزيع الحلوى بعد تأكد خبر مقتله.

تصميم وتطوير