البنوك تواجهة مشكلة سيولة وتعجز عن إقراض الحكومة

الخبير الاقتصادي بشارة دباح لوطن: لا حلول عاجلة لأزمة الرواتب لأن 70% من الإيرادات تأتي من أموال المقاصة والضرائب

25.03.2019 04:08 PM

رام الله- وطن: اعتبر المستشار المالي والمصرفي والخبير الاقتصادي بشارة دباح، أن هناك تباطؤا كبيرا في النمو الاقتصادي في فلسطين، وأن الوضع الإقتصادي صعب جداً ومتأزم، إضافة إلى العجز في الموازنة.

وخلال حديثه لبرنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه الاعلامية ريم العمري، اليوم الإثنين،  بين دباح أن نسبة نمو الاقتصاد في فلسطين في العام 2018 كانت 0.7%  بمقابل 3% في العام 2017، مشيرا أن في ذلك  دلالة واضحة على التباطؤ في النمو الاقتصادي.

وأوضح أن حصة الفرد الفلسطيني من الاقتصاد سجلت 1.5% فقط، في ظل التزايد السكاني وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وفيما يتعلق بموازنة الطوارئ التي أعلنها الرئيس عباس في شهر آذار، والتي جمدت التوظيف وشراء السيارات والأثاث، وغير ذلك، اعتبر الخبير دباح أن على الكل الفلسطيني المشاركة في تحمل المسؤولية، وأنها لا تقع فقط على عاتق الموظف وحده، وأن على كل القطاعات تحمل هذا الحمل، القطاع المصرفي والعقاري بدون استثناءات.

مراجعة سياسات الإقراض والتسهيلات البنكية

وحث دباح سلطة النقد ووزارة المالية وجمعية البنوك على عمل مراجعة لسياسات الإقراض والتسهيلات البنكية، مبينا أنه في العام 2006 كان مجموع التسهيلات البنكية مليار ونصف المليار دولار، بينما في العام 2019 فإن مجموع التسهيلات البنكية هو 8 مليار دولار.

وأضاف "لدينا 180 ألف موظف، جزء كبير منهم يتقاضون الحد الأدنى للأجور أو ما دون ال 2000 شيقل، وغالبية الموظفين مقترضون من البنوك".
وأردف "ما يعني أن قسما كبيرا من الموظفين يعتمد على التسهيلات البنكية لتسيير أمور حياته، وهذا ما يفرض عليه أن يسدد فيما بعد قيمة القرض".

البنوك تواجهة مشكلة سيولة وتعجز عن الإقراض

وحذر دباح من أن البنوك تواجه مشكلة في السيولة المالية، وأن الحكومة بطبيعة الحال مديونة للبنوك ولديها دين سابق عليها، مبينا أن الاقتراض من البنوك من الممكن أن يكون حلا على المدى القصير، ولكن لا يمكن أن نعتبره مصدر تمويل للحكومة.

وتابع موضحا "في السنوات العشرة الأخيرة كانت الودائع تنمو بمعدل  10.03% سنوياً، وفي العام الماضي ارتفعت فقط بنسبة 2%، وهذا التباطؤ يدل على وجود مشكلة حقيقية في السيولة وفي التدفقات النقدية الداخلة إلى البلد".

ومضى بالقول "الحكومة الفلسطينية مديونة 1.4 مليار دولار، إضافة إلى حوالي 1.6 مليار دولار، هي للموظفين، فالمجموع يكون 3 مليار تقريباً، والبنوك لا تستطيع الإقراض الآن لأن السيولة المتوفرة في البنوك انخفضت بطريقة مزعجة".

الاقتراض في 2018 خمس أضعاف الاقتراض في العام 2006

كما تطرق دباح إلى ضرورة التركيز على سياسة تنمية الاقتصاد وتقليص العجز، بخاصة في ظل الأزمة القائمة.

وتابع "إن توسيع الإقراض يتبعه توسيع للاقتصاد، ولكن في حالتنا الفلسطينية نحن مجتمع مستهلك ونستورد كل شيء من الخارج، فكل الزيادة خرجت إلى الخارج نحو الدول التي نستورد منها".

وقال "نسبة الاقتراض بالنسبة للدخل هي 50%، أي أن الفائدة بالإضافة إلى رأس المال لا يجب أن تتجاوز 50% من قيمة الدخل، وفي معظم دول العالم حتى تلك الدول ذات مستوى الدخل العالي للأفراد مثل أمريكا، لا تتجاوز نسبة الحسم 28% من قيمة الدخل، وهنا يجب إعادة النظر في هذه القضية بالغة الأهمية.

وبين " 1.6 مليار دولار من مجموع القروض والتسهيلات البنكية التي بلغت في العام الماضي 2018 ( 8 مليار دولار ) هي للموظفين في القطاع العام، النسبة هي 20% من التسهيلات البنكية لموظفي القطاع العام، بينما في العام 2006 فإن مجموع التسهيلات البنكية كاملة لم تتجاوز مليار ونصف المليار دولار، فالاقتراض في 2018 خمس أضعاف الاقتراض في العام 2006."

لا حلول عاجلة

وأكد دباح عدم وجود حلول عاجلة وآنية للأزمة المالية الحالية، وأزمة الرواتب، حيث أن العجز في الاقتصاد بلغ 1.2 مليار دولار، وإذا أضفنا غزة تصبح قيمة العجز 1.9 مليار، وهذا عجز كبير.

وأشار إلى أن قيمة المساعدات الخارجية في العام الماضي وصلت إلى 775 مليون دولار بالإضافة إلى عائدات الضريبة واموال المقاصة، التي تبلغ شهرياً من 600 إلى 700 مليون دولار.

وأكد أن أموالنا واقتصادنا يعتمد على أموال المقاصة والعائدات الضريبية بنسبة 65% - 70% من الإيرادات المالية.

إعادة صياغة القانون الضريبي

واعتبر دباح أن توسعة الوعاء الضريبي، وإغلاق الفجوات في النظام الضريبي، والحد من التهرب، وزيادة الضرائب على الشركات الكبرى ورفعها إلى 20%، من شأنه زيادة دخل الحكومة.

وتابع "من الممكن استخدام الجباية الضريبية لتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلد، لكن ان تكون على الشركات الكبرى المدرجة على سوق الاوراق المالية، والتي تكون ذات إيرادات مالية كبيرة جداً".

وقال إن على الحكومة أن تؤمن دخلا لها، يمكنها من الاستمرار في تقديم خدماتها ودعم القطاعات المختلفة، وأن عليها أن تتبع حلولا مثل إخضاع الأرباح الرأسمالية للضرائب  وإخضاع الفوائد البنكية للضرائب أيضاً.

كما طالب بإعادة صياغة القانون الضريبي، والتعامل مع موضوع الضريبة من زوايا اجتماعية وتنموية وليس فقط التعامل معها كأمر مالي بحت.

ومضى مبينا "النظام الضريبي لدينا هو نظام واحد والجميع يدفع 17% ضريبة، الغني والفقير يدفعون نفس قيمة الضريبة وهذا ليس عادلاً".

وكشف دباح أن "وزارة المالية تعمل على توسيع الوعاء الضريبي ورفع القطاعات الضريبية، حالياً لدينا 5 و 10 و 15% وسيتم إضافة طبقة جديدة 20%، وهو أمر مقبول وبرأيي مطلوب".

سياسات اقتصادية لتشجيع القطاع الخاص

وأضاف "السياسة الاقتصادية الفلسطينية يجب أن تركز على التنمية بخاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة وتزايدها بنسبة 4% في العام الماضي 2018، ونسبة البطالة لدينا تزيد عن 30% من مجموع القوى العاملة القادرة على العمل."

وختم حديثه بالقول "على الحكومة خلق سياسات اقتصادية لتشجيع القطاع الخاص، والتركيز على زيادة الانتاجية في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والتوجه لقطاعات رائدة مثل تكنولوجيا المعلومات والاستثمار فيها" .

تصميم وتطوير