المالية لوطن: أزمة المقاصة الأخيرة دفعتنا للاقتراض من البنوك 54 مليون دولار فقط

24.04.2019 03:04 PM

رام الله- وطن: كشف وكيل وزارة المالية فريد غنام لـوطن، أن أزمة المقاصة الأخيرة دفعت الحكومة للاقتراض من البنوك 45 مليون دولار فقط.

جاء ذلك على هامش جلسة استماع ومساءلة لوزارة المالية حول ابرز معالم "موازنة الطوارئ" والاجراءات المتبعة للتعامل مع الوضع الحالي في ظل أزمة المقاصة.

وقال غنام "كما تعلمون قامت الحكومة الاسرائيلية باستصدار قانون يسمح لها باقتطاع المبلغ الخاص بالأسرى والأسرى المحررين ، وقطعت من الحوالة في شهري 2و3 الماضيين 42 مليون شيقل، ونحن لا نقبل بأي شكل من الاشكال أن تقتطع الاموال الخاصة بالأسرى والأسرى المحررين، وحسب تعليمات الرئيس ووزير المالية، نحن لا نستطيع التعامل مع حوالة منقوصة وتخص شريحة مهمة جدا من المجتمع الفلسطيني وهي الأسرى والأسرى المحررين.

وأضاف: رغم ذلك قامت وزارة المالية ببذل أقصى جهد بالتعاون مع القطاع المصرفي والبنوك وسلطة النقد في عملية إدارة المال العام والأزمة، حيث لم نقترض من البنوك حتى الآن إلا 54 مليون دولار للوفاء بالحد الذي يستطيع الموظفون التعايش معه وهو نسبة 50% من الراتب، وبحدٍ أدنى الفي شيقل وحدٍ اقصى 10 آلاف شيقل.

وقال غنام: ندير هذه الأزمة بنوع من الحكمة التي تتمثل بعملية بقاء الصرف والرواتب، وفي نفس الوقت الالتزام بعدم الضغط على القطاع المصرفي بشكل كبير.

وبخصوص الإرادات، أوضح غنام أنه منذ عام 2013 حتى عام 2018 ارتفعت الإرادات الى ما يقارب 48%، وفي نفس الوقت انخفضت المعونات الخارجية التي تقدمها الدول المانحة من مليار ومئتي مليون دولار إلى خمسمئة وخمسة ملايين دولار نتيجة سياسات الممولين، دون أن اللجوء لزيادة الضرائب بل بالعكس قامت وزارة المالية بتخفيض الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية ، حتى تخفف العبئ عن الناس، وفق قوله.

وفيما يتعلق بالتحويلات الطبية، أكد غنام أن الجانب الإسرائيلي يقتطع المبالغ من أموال المقاصة في أخر كل شهر، حيث لاحظنا ازدياد تكلفة التحويلات الطبية بشكل عشوائي ومضطرد بحيث ارتفعت من 16 مليون شيقل شهريا الى 30 مليون شهريا، وفي الشهر الأخير فوجئنا بارتفاعها من 30 إلى 40 مليون شيقل، وعليه اصدر الرئيس قرارا بمنع التحويلات الطبية للجانب الاسرائيلي، وفتح التحويلات للأردن ومصر، لأن الأرقام غير مدققة ولا نعترف بها وتتعامل "إسرائيل" بها كسياسية أمر واقع.

وقد استعرض غنام أبرز مؤشرات الأداء المالي  للفترة  الواقعة ما بين 2013-2018، والتي أظهرت ارتفاعا في الايرادات بنسبة 44% خلال الفترة المذكورة، معزيا ذلك إلى زيادة القاعدة الضريبية بنسبة 45% (من 167 ألف إلى 226 ألف مكلف) الأمر الذي أدى الى تحسين الامتثال الضريبي. وقد تخلل استعراضه مسألة ارتفاع النفقات بنسبة 9% خلال الفترة عينها أي بمعدل 1.9% سنويا، نظرا لاعتماد سياسة صفر في التوظيف والتعيين في وظائف عادية وإشرافية، واعتماد سياسة التقاعد والتقاعد المبكر، حيث بلغ عدد المتقاعدين حوالي 27 ألف موظف في القطاعين العسكري والمدني في الضفة والقطاع، كما أظهرت البيانات ثبات الدين العام، بمعنى أنه لم يكن فيه زيادات ذو دلالة في الدين، بالرغم من أن الفترة المذكورة شهدت انخفاضا ملحوظا في الدعم الخارجي بنسبة 59%. وقد أوضح غنام أن البيانات المعدة في الوزارة تشير الى انخفاض في العجز الجاري، ويعود ذلك لزيادة الإيرادات وانخفاض نفقات فاتورة الرواتب والأجور.

وفي منحى آخر، عرّج غنام في عرضه على الانفاق على قطاع غزة، والذي بلغ ما يقارب 100 مليون دولار شهريا، أي حوالي المليار دولار للعام 2018، الأمر الذي تمثـــّل في الإنفاق على الرواتب والأجور، ومصاريف الصحة، والمصاريف الأخرى التطويرية، ومخصصات الأسرى.

موازنة الطوارئ 2019 وتوجهات الخطة النقدية

وفي الإضاءة على أموال المقاصة في ظل القرصنة الإسرائيلية أشار غنام أنه سيتم الإنفاق باعتمادات شهرية بنسبة 1/12 لكل شهر من موازنة السنة المالية استنادا الى قرار الرئيس بخصوص اعتماد اطار قانوني لموازنة الطوارىء، وقد تم اتخاذ قرارات لتخفيض الإنفاق والتعامل مع الوضع المرحلي، بإعطاء الأولوية لصرف مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى والمتقاعدين، ووقف التعيينات والترقيات، وتخفيض النفقات التشغيلية بنسبة 20%، وتخفيض النفقات الرأسمالية بنسبة 50%، حيث سيتم وقف الاستملاكات ووقف شراء السيارات والأثاث والأجهزة إلا في الحالات الاستثنائية، وعدم اعتماد أي مبالغ جديدة على النفقات التطويرية والاكتفاء بالمشاريع التطويرية من العام الماضي فقط، إضافة إلى اعتماد رواتب المواطنين بشكل كامل في الموازنة على أن يتم صرف بما يحمي الرواتب المتدنية الأمر الذي سيساهم في تخفيض فاتورة الرواتب بنسبة 30%، مع تأكيد وزارة المالية بأن هذه الخطة ممكن تحقيقها لغاية شهر تموز.

كما قدمت وزارة المالية عرضا لحجم الخسائر التي تتكبدها الخزينة الفلسطينية نتيجة لعدم التزام الاحتلال باتفاقية باريس، والتي قدرت بأكثر من 270 مليون دولار سنويا، أي أكثر من 900 مليون شيقل، والتي تمثلت في عدة محاور، أبرزها: الخسائر المترتبة من عدم تطبيق آلية محوسبة في تحصيل ضريبة القيمة المضافة، والخسائر المترتبة من المحروقات جراء الوقود المهرّب، والخسائر المترتبة من الواردات غير المباشرة.

من جهته، قال المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" مجدي أبو زيد لـوطن، إن هذه أول مرة منذ سنوات طويلة يعقد "أمان" جلسة بهذا العمق والكم من المعلومات، وهذه أول ثمار الحكومة الجديدة التي تعهدت أن تكون أكثر شفايفة ومساءلة مع المجتمع وسوف نبني على هذه الجلسة وجلسات أخرى كثيرا.

وأضاف أبو زيد: في الفترة الحالية المطلوب ان يكون هناك تكاتف وتعاضد على اساس الثقة التي تتبنى اتاحة المعلومات والشفافية من قبل المسؤولين وصانعي السياسات والمال العام مع المجتمع والناس.

وبشأن الموازنة، أوضح أبو زيد أنه بشكل عام من المفترض أن يتم إقرارها قبل تاريخ 31/3/2019، وبسبب أزمة أموال المقاصة التي تمثل ثلثي الموازنة العامة، لا يمكن اعتماد موازنة عادية، لذلك نطالب ان يكون هناك شفافية في كل الاجراءات التي تتعلق بإدارة المال والشأن العام.

وخلال افتتاحه الجلسة، ثمّن الباحث الاقتصادي مسيف مسيف، عضو الفريق الأهلي، استجابة وزارة المالية للجلسة، موضحا أن أسباب الأزمة المالية هي سياسية بالجوهر، وانما تنعكس بشكل مكثف على الاقتصاد الفلسطيني وإدارة المال العام، وذلك في ظل تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية والسيطرة والنهب المستمر لأموال الفلسطينيين، من خلال التحكم في مفاتيح المقاصة، والتي تشكل 66% من إيرادات الخزينة العامة. وقد طرح مسيف عدة تساؤلات حول أولويات الانفاق الحالي، وضرورة وجود خطة مدروسة موزعة على مراكز المسؤولية للترشيد والتقشف.

ورأى الفريق الأهلي بأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في "موازنة الطورائ" ستساهم في تخفيض الإنفاق، والتي لا بد من أن تكون نهجا متبعا لإحكام تنفيذ سياسة التقشف والترشيد.

والجدير ذكره أن الجلسة لاقت ترحيبا من قبل أعضاء الفريق، حيث أثيرت العديد من المداخلات والأسئلة من الباحثين والصحفيين حول السياسات المالية المتبعة، والخطط والإجراءات الآنية لمواجهة الظرف الحالي.

تصميم وتطوير