فكفكة العلاقة مع الاحتلال اقتصاديا "وهم"

الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم لوطن: استلام السلطة أموال "البلو" خرق غير صريح لموقفها برفض استلام "المقاصة" منقوصة

01.09.2019 11:04 AM

رام الله - وطن للانباء: لا تزال تفاصيل استلام السلطة الفلسطينية لنحو 2 مليار شيكل من سلطات الاحتلال، بموجب اتفاق قالت انه توصلت اليه يقضي بتحرير ضريبة البلو ، واستلام وزارة المالية هذه المهمة بجباية هذه الضريبة جدلا قي الشارع الفلسطيني، خاصة في ظل نفي اسرائيلي لما أعلن.

كما أثار ما نشره الخبير الاقتصادي الصحفي جعفر صدقة بأن أموال المقاصة بقيت موجودة في البنك العربي ولم تتم إعادتها إلى دولة الاحتلال جدلا، خاصة في ظل عدم نشر  اي تفاصيل تتعلق بالاتفاق الذي اعلن عنه وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ مع وزراة المالية الاسرائيلية بتحصيل السلطة أموال ضريبة المحروقات مباشرة، او حتى صدور أي تصريح رسمي يوضح الأمر، مما زاد التحليلات والتكهنات حول حقيقة  الامر، وإن كانت السلطة قد سحبت ملياري شيكل من قيمة المقاصة المحتجزة، وخرقت الموقف الذي اعلنته بعدم استلام اموال المقاصة منقوصة؟

وقال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم  إنه في ظل غياب الرواية الرسمية تسود التكهنات والترجيحات حول حقيقة الامر الذي يعلمه وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، حيث لم يصدر أي تصريح رسمي من وزارة المالية أو الحكومة الفلسطينية التي يفترض انها هي اجرت عملية التفاوض مع الجانب الاسرائيلي.

وقال عبد الكريم خلال حديثه لبرنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه ريم العمري ان ما حدث استلام السلطة مبلغ ملياري شيكل حولتهم اسرائيل، لكن من أين جاؤوا وفي أي سياق تم استلامهم، فأن ذلك يبقى السؤال مفتوحا؟  مضيفاً " كان من الأجدى أن تصدر تصريحات رسمية من الحكومة حول ما جرى، وعدم الإكتفاء بنشر خبر في هذه الأهمية بتغريدة "على "توتير" لتجنب كل الجدل المثار".

وأضاف عبد الكريم ان استلام السلطة ملياري شيقل، كانت خطوة عبرت عن حاجة تولدت لدى الجانب الفلسطيني والاسرائيلي، فبعد سبعة شهور من عمر الأزمة المالية اصبح هناك خشية من انفجار الوضع، ولذلك اتفق الطرفان على البحث عن حل للمأزق  يكون غير مكلف سياسيا، وبهذه الخطوة توصل الجانبان لاتفاق تفاصيله حتى الان غير واضحة.

ومال عبد الكريم إلى الاعتقاد بأن هذه الاموال لم تكن موجودة في البنك العربي، كونها تنافي المنطق، فوفقا لرواية السلطة الفلسطينة أنه منذ البداية كانت اموال المقاصة تحول إلى البنوك، ولدى البنوك تعليمات بإعادة أموال المقاصة كما هي للجانب الاسرائيلي، وهذا يعني أنه  لا يوجد أي مبالغ متراكمة في رصيد السلطة لدى البنوك.

واضاف: "من غير المعقول أن الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قبلا بإعادة اموال المقاصة باستثناء (بلو) وإبقائها في البنك العربي"، حيث ان الاموال تحول دفعة واحدة غير مصنفة إلى "ضربية بلو"، "وقيمة مضافة"، معتبرا  أن ما جرى هو اتفاق مبدأي بين الجانبين،  بحاجة إلى توقيع ومصادقة نهائية من الكابينت والحكومة الاسرائيلية.

وحول التزام الجانب الاسرائيلي الصمت حول الاتفاق أوضح عبد الكريم أن الجانب الاسرائيلي لم يبرم اتفاقا بل أبدى موافقة مبدائية تحت توصيات أجهزة الامن الاسرائيلية وتحذيراته، ولطالما ان ثلثي المقاصة مع اسرائيل فانها ستبقهيا رهنية قرار سياسي امني، أي بمعنى أن مبلغ 200 مليون شيكل (ضرائب البلو شهريا) ستبقى رهن موافقة الكابينت والحكومة الاسرائيلية للافراج عنها، وفي اي لحظة بإمكانهم التنصل منها.

ولفت عبد الكريم إلى أن الحكومة الاسرائيلية بصدد نقاش الموافقة التي اعطتها، لكن ذلك الملف ليس اولوية لها في ظل الانتخابات المزمع اجراؤها الشهر الجاري، وفي ظل التوترات في الجبهة الشمالية والجنوبية.

واعتبر عبد الكريم أن الاموال ( 2 مليار) جاءت لتحل ازمة السلطة جزئيا وتلبي بعض الاحتياجات الأمنية لاسرائيل، فهي ليست معنية بحدوث توترات في الضفة، اضافة للتوترات الاخرى، لافتا الى "ان الأمر لم  يصل إلى حد تعديل اتفاق باريس الاقتصادي كما قيل على لسان الكثيرين".

واكد أن "ما حدث هو اتفاق شفهي ضمني بين الجانبين باعطاء سلف من ضربية "البلو"  حتى يتم التوصل لشروط حول فصلها عن اموال المقاصة، ومناقشة شروط اخرى، ولذلك تم تحويل الأموال بشكل فردي وليس ضمن اموال مقاصة."

واكد عبد الكريم أن "اسرائيل لاسباب كثيرة لن تسمح بتعديل برتوكول باريس الاقتصادي، فالموضوع بحاجة إلى مقايضة، لكن السؤال ماذا بعد هذه الخطوة ويقصد بها صرف 2 مليار شيكل؟ وما هو المخفي في القصة؟  والتفاهم الذي جرى مقابل ماذا؟".

وأوضح عبد الكريم أن مبلغ الـ مليار شيكل ( اموال ضريبة البلو السهرية ) هي جزء من اموال المقاصة، وان استلامها من قبل السلطة يعد خرقا غير صريح لموقفها برفض استلام اموال المقاصة منقوصة، وبذلك  تدعي السلطة  أنها ثبتت على موقفها، بمعنى أنها السلطة استملت اموال البلو بينما بقية اموال المقاصة لم تستلمها.

وأكد عبد الكريم أن خطوات السلطة منذ بداية الازمة لم تكن مدروسة، ولم تعتمد استراتيجيات واضحة للخروج من الازمة، ولم تفكر في البديل في ظل استمرارها، مؤكدا ان طرح اعادة النظر وفكفكة العلاقة مع اسرائيل اقتصاديا هو "وهم"،  كما "وهم" التنمية تحت الاحتلال وبناء مؤسسات يقود للدولة، و"وهم" بناء سوق حرة واوهام كثيرة عشناها خلال الـ  25 سنة الماضية، بعد أن تم اغراقنا في التبعية لاسرائيل.

وحول اسباب عدم صرف راتب شهر آب بشكل كامل وصرف باقي مستحقات شهر شباط، أوضح عبد الكريم  بأن الامر يتعلق بالإدارة النقدية للبنوك، فهي بحاجة إلى ترتيب سجلاتها البنكية وانهائها خاصة مع اقتراب انتهاء العام الجاري، كما انه كلما طال أجل الأقساط والديون صارت المخصصات أعلى وهو ما يؤثر على أرباحها.

تصميم وتطوير