"شمس" لوطن: الثقافة الفلسطينية قاصرة.. وتلكؤ الحكومات المتعاقبة فيما يتعلق بالمرأة عليه علامات استفهام كثيرة

الصحة لوطن: 80% ممن يعانون من أمراض هستيرية أو ذهانية لجأوا للشيوخ لتلقي العلاج قبل التوجه للطب النفسي

03.09.2019 09:26 AM

وطن: لا تزال قضية وفاة الفتاة إسراء غريب في ظروف غامضة حتى الآن، تلقى صدى واسعا في الشارع الفلسطيني وتحولت إلى قضية رأي عام عربي وإقليمي.

وانتشرت في الأيام الأخيرة روايات وتفاصيل متناقضة حول أسباب وفاتها، رواية تقول إن الوفاة طبيعية إثر اضطرابات عقلية، رواية اخرى تقول إنها توفيت نتيجة تعرضها للضرب.

وفي هذا السياق، أوضحت د. سماح جبر رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة قائلة إنه في ظل المعطيات المتوفرة ليس بالإمكان النفي أو الجزم بوجود اضطرابات نفسية تعاني منها إسراء، إذ أن المعلومات المنتشرة مبنية جميعها على افتراضات من الناس.

وأوضحت خلال حديثها لـبرنامج "شد حيلك يا وطن" بأن زيارة الطبيب النفسي لإسراء، كما ذكرت العائلة، غير واضحة الظروف التي تمت خلالها الزيارة، وحجم الثقة التي بناها الطبيب معها وإن تواجد أحد أفراد العائلة معها.

وقالت إن إثبات أن الفتاة مصابة بمرض نفسي يحتاج لفحص طبي يستند إلى مقابلات مع العائلة، وقد تتم مقابلة كل فرد من العائلة على حدة، لمقارنة الكلام والتأكد من صحته، ومعرفة التاريخ الصحي للعائلة، وتحليل تاريخ عمل إسراء إن كان هناك فترات عمل متطقعة غير مفهومة.

ولفتت إلى أنه نتيجة لظروف معينة قد يصاب المرء بمرض "ذهاني" يكون حاملاً للجين الوراثي، إضافة إلى تركيبة شخصيته، فيتعرض لضغط آني يؤدي لظهور الأعراض على الشخص.

وأشارت جبر، إلى دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية حول توزيع الاضطرابات النفسية وتشمل فلسطين والمناطق التي تعاني من حروب وأزمات، أظهرت أن نحو 22% من الناس في مناطق الدراسة يعانون من اضطرابات نفسية، تصنف إلى أكثر من 300 نوع، في معظمها اضطرابات نفسية شائعة مثل القلق والاكتئاب والهلع والتوتر.

وأضافت أن جزء منه هذه الاضطرابات هي الامراض الذهانية أو ما تسمى بـ"الجنون"، وتحدث عندما يبدأ الشخص يفقد رشده، ولا يستطيع الإنسان العادي فهم تصرفاته، حيث يعاني المريض من هلوسات كرؤية وسماع ما هو غير موجود أو وجود مشاعر حسية أيضاً غير موجودة، كما يعاني من معتقدات خاطئة ثابتة كأن الجيران يتجسسون أو سوء تأويل للإشارات التي يتلقاها.

وأوضحت د. جبر إن الكثير يلجأون فور ظهور أعراض الاكتئاب للشيوخ ورجال الدين من أجل علاجهم، لأسباب عديدة يعزونها للجن، ولإقناع الغير بأنها لأسباب خارجة عن الذات، وقد يتعرض لـ "ورطة اجتماعية" فيقوم بتصرفات هستيرية لإقناع من حوله بأن سببه "جن" أو ما شابه.

وأشارت إلى أن 80% ممن يعانون من أمراض هستيرية أو ذهانية لجأوا للشيوخ لتلقي العلاج قبل التوجه للطب النفسي، وذلك وفقا لدراسة تعمل عليها حول "نظرية العزو للمرضى".

وأوضحت أن العام الماضي زار نحو 3200 مريض جديد مركز الصحة المجتمعية، و80 ألف زياة للمراكز التابعة للوزارة، وقالت إن "معظم من يعاني على سبيل المثال من الانفصام لا يتوجه مباشرة فالعلاج أول 6 شهور يكون ممكنا، لكن بعد عامين يكون الدماغ قد تغير بطريقة لا رجعة فيها".

ووجهت جبر دعوة للمؤسسات الحقوقية  لتنظيم حملة مناصرة للعمل بشكل حثيث ومراقبة وفحص ما الذي يحدث في المجتمع وتنظيم الطبابة.

من جهة أخرى، كان للدكتور سعدات جبر أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة القدس المفتوحة، رأي مختلف، معتبراً أن وجود الجن قضية إيمانية بحتة، لا أحد يستطيع ان ينكر وجوده، لكن على المريض ان يذهب الى الطبيب اولا ليكشف مرضه، وليس أن يلجأ للضرب كعلاج.

وأضاف: "البيت الذي يُقرأ فيه القرآن يخرج الشيطان منه، ومن يستخدم الضرب للعلاج كما يدّعي بعض المشايخ لا يفقه شيء ولا يفرق عن الجن بشيء".

بدوره، قال مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" عمر رحال: "ننتظر تحقيقات النيابة في قضية إسراء غريب ونحن على ثقة بعملها فهي تعمل بجد واجتهاد ومهنية عالية، وتقارير وطن في الجزأين كانت مهنية ورصينة، ولكن لايمكن أن أبني موقفي من دون أن نستمع لنتائج تحقيقات النيابة".

وأردف، ما حدث قضية إنسانية، ووسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام المحلي والإقليمي، بالتالي هذا التفاعل جاء نتاج للتسريبات، والتعاطف العربي والشعبي جاء نتيجةً للظلم الذي يقع على المرأة كونها مهمشة.

ووجه رحال رسالة الى الحكومة، بالقول: "رسالتنا الأولى إلى الحكومة.. لدينا مجموعة من القوانين الموروثة، والقانون يخلق ثقافة ويخلق الردع الخاص والعام، وبالتالي هذا التلكؤ من الحكومات الفلسطينية المتعاقبة فيما يتعلق بالمرأة عليه علامات استفهام كثيرة، لماذا لدينا وزارة شؤون المرأة والعديد من الخطط والاستراتيجيات لمواجهة العنف ضد المرأة لا تنفذ؟".

وتابع، الثقافة الفلسطينية هي ثقافة قاصرة، آن الأوان  لنتحدث بأن مناهجنا ومؤسسات النتشئة المجتمعية يجب أن تكون مؤسسة ديمقراطية تقدمية تحترم كرامة المرأة والكرامة الإنسانية لها.

وأضاف، مطلوب منا كمؤسسات حقوق إنسان ومجتمع مدني ومؤسسات حقوقية ونسوية أن نستمر بالعمل ونستفيد من تجربتنا السابقة في إيجاد بدائل من أجل إقرار مزيد من القوانين وتغير الثقافة.

وحول عمل المراكز الحقوقية، رد رحال قائلاً إن النظام السياسي يصم الاذان ولا يريد أن يوائم التشريعات، والسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية والنظام السياسي برمته مطلوب منه أن يكون عاملاً وخادماً للمجتمع من خلال القوانين والتدخل والقضاء.

وشدد في ختام حديثهِ على أن المؤسسات الحقوقية تعمل منذ عقود، ولا تتقاعس في عملها بل تعمل بجد واجتهاد ليل نهار، ولكن الأهم أن يكون للحكومة وللسلطة التشريعية تحركاً جدياً.

 

تصميم وتطوير