الآن وليس غدا : حكومة إنقاذ وطني ووقف الضمان وإصلاح القضاء بحاجة لتدخل الرئيس

27.01.2019 06:30 PM

رام الله – وطن - كتب رئيس التحرير : في الوقت الذي تشهد به الأروقة السياسية مشاورات ومباحثات حول سيناريوهات الحكومة المقبلة، سواء المضي بتشكيل حكومة فلسطينية تشكلها فصائل منظمة التحرير، أو تشكيل حكومة يرأسها شخصية مستقلة، او اجراء تعديل حكومي واسع على الحكومة الحالية، يعيش الشارع الفلسطيني ازمات ومخاضات اجتماعية واقتصادية صعبة على المستوى الداخلي، تزيد من معاناته اليومية جراء جرائم الاحتلال وقطعان مستوطنيه.

ازمات عدة، وملفات متراكمة، وتحديات ومخاطر جسيمة، تنتظر فلسطين في الفترة المقبلة، باتت بحاجة الى حل جذري وتدخل من الرئيس محمود عباس بشكل شخصي، خاصة انه الوحيد القادر على ترتيب اوراق هذه الملفات، وانهاء هذه الازمات، والمتمثلة بتشكيل حكومة انقاذ وطني ووقف الضمان الاجتماعي واصلاح القضاء.

حكومة انقاذ وطني

يعيش البيت الفلسطيني الداخلي في حالة فوضى عارمة، باتت بحاجة الى ترتيب مكوناته وزواياه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهذا الامر لا يمكن ان يحدث دون   قرار من الرئيس محمود عباس بتشكيل حكومه انقاذ وطني في اسرع وقت ذو برنامج وطني واجتماعي واقتصادي، تكون مهمتها التحضير وتهيئة الاجواء لاجراء الانتحابات .

إن تشكيل حكومة انقاذ وطني اليوم بات حاجة ملحة، لوضع الاولويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تهم الشارع الفلسطيني، بحيث تبدو اقرب الى قيادة وطنية موحدة على غرار ما كان في الانتفاضة الاولى.

ان الحاجة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني، ينبع من الضرورة الوطنية للخروج من الازمات التي نعاني منها على كل الاصعدة، ولقدرتها على قراءة تطلعات واحتياجات الشارع الفلسطيني، واستنهاض طاقاته، على مسارات عدة اهمها:

المسار السياسي: تسارع الادارة الامريكية  لفرض مساعيها لتطبيق ما تسمى "صفقة ترامب" الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، مع استمرار اسرائيل بفرض رؤيتها على الارض من خلال خلق واقع استيطاني جديد في كل الارض الفلسطينية،  واستمرار الانقسام وتعمّقه حتى بات اقرب الى الانفصال.

ورغم الموقف السياسي الفلسطيني الرافض لكل السياسات الامريكية والاسرائيلية، الا ان ذلك غير كاف للتصدي لتلك السياسات، فهي بحاجة الى اسناد ودعم شعبي، وهذا الامر يمكن ان تخلقه حكومة انقاذ وطني تعمل وفق برنامج سياسي وطني متفق عليه، قادر على تحريك الشارع واعادة الاعتبار للفعل الجماهيري المقاوم.

التحضير للانتخابات : فشلت الحكومة الحالية (حكومة التوافق) التي جرى تشكيلها عقب توقيع اتفاق المصالحة عام 2014، بالاهداف الموضوعة لها المتمثلة بانجاز المصالحة واجراء الانتخابات بعد 6 شهور من تشكيلها، واعتبرها البعض انها اصبحت جزءا من الانقسام، اضافة الى الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي خلقت في عهدها ابرزها قانون الضمان الاجتماعي.

ويبدو ان الحكومة الحالية نسيت اننا في مرحلة تحرر وطني وبدأت تتعامل في الكثير من الملفات على انها حكومة دولة مستقلة ذات سيادة، متجاهلة مخاوف المواطنين واولوياتهم، حتى باتت لا تحظى بثقة الشارع.

ان تشكيل حكومة انقاذ وطني في الوقت الراهن، سيسهم بدور مهم في حلحلة ازمة الانقسام التي تتعمق يوميا، اذ يبدو من خلال التصريحات السياسية لحركتي فتح وحماس عدم معارضتهما تشكيل حكومة بهذه الصيغة والذهاب الى انتخابات عامة.

ان تشكيل حكومة انقاذ وطني في هذا التوقيت، يكون على جدول اعماله التحضير للانتخابات سيسهم في تجاوز الكثير من عقبات الانقسام التي طالما تسببت في افشال انجاز المصالحة، كما ان ذلك يعيد تجديد دماء المؤسسات والعمل السياسي الفلسطيني، وقد تقدم حكومة الانقاذ الوطني نموذجا جيدا قد يشجع الفصائل على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات تتكون من مختلف الفصائل بعيدا عن هوية الفائز .

وقف وتأجيل الضمان الاجتماعي

تعيش الضفة الغربية منذ شهور حراكا شعبيا كبيرا، لم تره منذ سنوات طويلة، رفضا لتطبيق قانون الضمان الاجتماعي والمطالبة باسقاطه، في حين تصر الحكومة على تنفيذ القانون متجاهلة الرفض الشعبي له.

تداعيات خطيرة نجمت عن موقف الحكومة باصرارها على تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، ربما لم تلتفت اليها البتة، اهمها انها فقدت ثقة الشارع الفلسطني، وهذا الامر يجب ان ينظر اليه اصحاب القرار جديا لانه في غاية الخطورة، ففي اي مكان في العالم حين تفقد الحكومة ثقة شعبها فإنها تقدم استقالتها او يتم اقالتها وتغادر مكانها الى البيت.

ان استمرار الحراك الشعبي في الشوارع، واصرار الحكومة على تطبيق الضمان تستدعي من الرئيس التدخل العاجل لوقف تطبيق القانون للحفاظ على السلم الاهلي والمجتمعي.

ورغم اقرار الجميع بأهمية وفلسفة فكرة الضمان الاجتماعي حتى المطالبين باسقاطه، كفلسفة اجتماعية، الا ان رفض الشارع له يعود لغياب الثقة بمن سيتسلم اموالهم ويديرها، ولادراك الشعب بحقائق الامور التي يغض اصحاب القرار النظر عنها، فالشارع يرى ان الحكومة لا سيادة لها على الارض في ظل قدرة الاحتلال على الوصول واقتحام اي مكان في الضفة الغربية، بما في ذلك مقر مؤسسة الضمان الاجتماعي، والشارع لا يثق بالحكومة لادارة اموالهم وهم يرون ويقرؤون نتائج سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية، من ارتفاع الدين العام الى ارتفاع معدلات البطالة .

ان اهم الازمات التي يجب حلها في الوقت الراهن مسألة قانون الضمان الاجتماعي، وهذه الازمة تحديدا القول الفصل بها للرئيس عباس، لأن استمرار التجاذبات حول القانون من اصرار الحكومة على تطبيقه تسبب بحدوث انقسام في وحدة البلد وخلق نزاعات اجتماعية باتت تهدد السلم الاهلي والوطني، وما تصريح وزير الحكم المحلي حسين الاعرج مؤخرا الا مثالا على ما يمكن ان يتسبب به الضمان وموقف الحكومة منه من ضرر بالغ للسلم الاهلي قد لا يجد من يصلحه.

لقد باتت ازمة الضمان الاجتماعي بحاجة الى حل سريع وعاجل، وهذا لن يحدث الا بتدخل الرئيس مباشرة، فالسلم الاهلي والمجتمعي والوطني اهم من قانون الضمان الاجتماعي الذي تسبب بحدوث شرخ وانقسام، وما يضير لو صدر قرار بتأجيل ووقف القانون لمدة سنة يجرى خلالها حوارا معمقا مع كل الاطراف يكون سقف الحوار الاتفاق، هذا القرار ان صدر في هذا التوقيت فإنه سيطوي احد اهم الازمات المجتمعية، ويمكن بعده بناء ثقة لدى الشارع الفلسطيني.

اصلاح القضاء

يعيش القضاء في مرحلة انهيار حسب رأي خبراء القانون (للاطلاع اضغط هنا) وخاصة في اعلى هيئاته القضائية المتمثلة بالمحكمة العليا،  وما صدر عنها وعن غيرها من المحاكم من قرارات خلقت جدلا في الشارع الفلسطيني، بل اكثر من ذلك فقد تحول القضاء الى ساحة  لتصفية حسابات بين بعض المتنفذين، في الوقت الذي من المفترض ان يؤسس القضاء لدولة عدالة وليست دولة قمع بوليسية.

ان الحالة التي وصل لها القضاء وتحديدا المحكمة العليا، بات بحكم اجماع خبراء القانون والعدالة، بحاجة لاصلاح جذري يعيد وضع الامور في نصابها الصحيح، ويمنح القضاء هيبته التي فقدها، باعتباره سلطة تصون الحقوق وتحافظ على العدالة، وهذا الامر ملف هام يجب وضعه على طاولة الرئيس لاعطاء اوامره بذلك، وهذا بطبيعة الحال يحتاج الى جهد وعمل كبير من مؤسسات وخبراء القانون والعدالة والقضاء لتحديد مكامن العطب ووضع اليات الاصلاح، من خلال حوار موسع يشارك به اصحاب الاختصاص سواء من الحكومة او المجتمع المدني .

ان تشكيل حكومة انقاذ وطني تعمل على التحضير وتهيئة الاجواء لاجراء انتخابات عامة، ووقف العمل بقانون الضمان الاجتماعي، واصلاح القضاء ملفات ذات اهمية موضوعة الى طاولة الرئيس .. الى ان يتخذ قرارا بها .

تصميم وتطوير